Maʿārij al-qabūl bi-sharḥ Sullam al-wuṣūl
معارج القبول بشرح سلم الوصول
Editor
عمر بن محمود أبو عمر
Publisher
دار ابن القيم
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م
Publisher Location
الدمام
Genres
نَبْعَثُ شَاهِدًا عَلَيْكَ. فَيَتَفَكَّرُ فِي نَفْسِهِ مَنِ الَّذِي يَشْهَدُ عَلَيَّ، فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ وَيُقَالُ لِفَخِذِهِ انْطِقِي فَيَنْطِقُ فَخِذُهُ وَلَحْمُهُ وَعِظَامُهُ بِعَمَلِهِ، وَذَلِكَ لِيُعْذَرَ مِنْ نَفْسِهِ، وَذَلِكَ الْمُنَافِقُ، وَذَلِكَ الَّذِي يَسْخَطُ اللَّهُ عَلَيْهِ"١ وَمِنْ تَرَاجِمِ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ؛ بَابُ وَعِيدِ مُنْكِرِي الرُّؤْيَةِ٢، وَالدَّلَالَةُ مِنْهُ وَاضِحَةٌ مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَلَا خِلَافَ فِي ثُبُوتِ رُؤْيَةِ الْمُؤْمِنِينَ رَبَّهُمْ ﵎ فِي دَارِ الْآخِرَةِ. وَكَذَا لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي أَنَّهُ لَا يَرَاهُ أَحَدٌ قَبْلَ الْمَوْتِ، وَإِنَّمَا وَقَعَ الْخِلَافُ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، فَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي ثُبُوتِ رُؤْيَةِ النَّبِيِّ ﷺ رَبَّهُ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ بَحْثُ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
وُجُوبُ الْإِيمَانِ بِالصِّفَاتِ الْوَارِدَةِ فِي الْقُرْآنِ وَصَحِيحِ السُّنَّةِ وَإِقْرَارِهَا كَمَا أَتَتْ:
وَكُلُّ مَا لَهُ مِنَ الصِّفَاتِ ... أَثْبَتَهَا فِي مُحْكَمِ الْآيَاتِ
أَوْ صَحَّ فِي مَا قَالَهُ الرَّسُولُ ... فَحَقُّهُ التَّسْلِيمُ وَالْقَبُولُ
"وَكُلُّ مَا" ثَبَتَ "لَهُ" أَيْ: لِلَّهِ ﷿ "مِنَ الصِّفَاتِ" الثَّابِتَةِ الَّتِي "أَثْبَتَهَا" هُوَ ﷾ لِنَفْسِهِ وَأَخْبَرَنَا بِاتِّصَافِهِ بِهَا "فِي مُحْكَمِ الْآيَاتِ" مِنْ كِتَابِهِ الْعَزِيزِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَمِمَّا لَمْ نَذْكُرْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾ [الْبَقَرَةِ: ١١٥] وَقَوْلِهِ: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾ [الْقَصَصِ: ٨٨] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ [الرَّحْمَنِ: ٢٦-٢٧] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ﴾ [الرُّومِ: ٣٩] وَقَوْلِهِ: ﴿وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى، إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى﴾ [اللَّيْلِ: ١٩] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾ [الْإِنْسَانِ: ٩]
١ مسلم "٤/ ٢٢٧٩/ ح٢٩٦٨" في الزهد والرقائق.
٢ مثاله الإمام ابن القيم في حادي الأرواح "ص٣٧٩" وقال: ومن تراجم أهل السنة على هذا الحديث: باب في الوعيد لمنكري الرؤية كما فعل شيخ الإسلام وغيره "حادي الأرواح ص٣٨٠".
1 / 346