Ma'arij al-Qubool bi Sharh Sullam al-Wusool
معارج القبول بشرح سلم الوصول
Investigator
عمر بن محمود أبو عمر
Publisher
دار ابن القيم
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م
Publisher Location
الدمام
Genres
وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [الْحَدِيدِ: ٣] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ. "وَلَا يُكَيِّفُ الْحِجَا" أَيِ: الْعَقْلُ "صِفَاتِهِ" لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ كَيْفَ هُوَ إِلَّا هُوَ، فَالْوَاجِبُ عَلَيْنَا أَيُّهَا الْعَبِيدُ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَإِمْرَارُهَا كَمَا جَاءَتْ وَاعْتِقَادُ أَنَّهَا حَقٌّ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ ﷿ وَأَخْبَرَ رَسُولُهُ ﷺ وَعَدَمُ التَّكْيِيفِ وَالتَّمْثِيلِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ ﷿ أَخْبَرَنَا بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ وَلَمْ يُبَيِّنْ كَيْفِيَّتَهَا فَنُصَدِّقُ الْخَبَرَ وَنُؤْمِنُ بِهِ وَنَكِلُ الْكَيْفِيَّةَ إِلَى اللَّهِ ﷿. فَصِفَاتُ ذَاتِهِ تَعَالَى مِنَ الْحَيَاةِ وَالْعِلْمِ وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ وَغَيْرِهَا وَكَذَلِكَ صِفَاتُ أَفْعَالِهِ مِنَ الِاسْتِوَاءِ عَلَى الْعَرْشِ وَالنُّزُولِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا وَالْمَجِيءِ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ بَيْنَ عِبَادِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ كُلُّهَا حَقٌّ عَلَى حَقِيقَتِهَا عَلِمْنَا اتِّصَافَهُ تَعَالَى بِهَا بِمَا عَلِمْنَا فِي كِتَابِهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ ﷺ وَغَابَ عَنْ جَمِيعِ الْمَخْلُوقِينَ كَيْفِيَّتُهَا وَلَمْ يُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا كَمَا، قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ ﵂ وَرَبِيعَةُ الرَّأْيِ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَغَيْرُهُمْ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى: الِاسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُولٍ وَالْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍ وَالْإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ وَمِنَ اللَّهِ الرِّسَالَةُ وَعَلَى الرَّسُولِ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا التَّصْدِيقُ وَالتَّسْلِيمُ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي جَمِيعِ صِفَاتِهِ ﷿، وَإِنَّا وَاللَّهِ لَكَالُّونَ حَائِرُونَ فِي كَيْفِيَّةِ سِرَايَةِ الدَّمِ فِي أَعْضَائِنَا وَجَرَيَانِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فِينَا وَكَيْفَ يُدَبِّرُ اللَّهُ تَعَالَى قُوتَ كُلِّ عُضْوٍ فِيهِ بِحَسَبِ حَاجَتِهِ، وَفِي اسْتِقْرَارِ الرُّوحِ الَّتِي هِيَ بَيْنَ جَنْبَيْنَا وَكَيْفَ يَتَوَفَّاهَا اللَّهُ فِي مَنَامِهَا وَتَعْرُجُ إِلَى حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ ﷿ وَيَرُدُّهَا إِذَا شَاءَ، وَكَيْفِيَّةِ إِقْعَادِ الْمَيِّتِ فِي الْقَبْرِ وَعَذَابِهِ وَنَعِيمِهِ، وَكَيْفِيَّةِ قِيَامِ الْأَمْوَاتِ مِنَ الْقُبُورِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا وَكَيْفِيَّةِ الْمَلَائِكَةِ وَعِظَمِ خَلْقِهِمْ؛ فَكَيْفَ الْعَرْشُ الَّذِي لَا يُقَدِّرُ قَدْرَهُ إِلَّا اللَّهُ ﷿، كُلُّ ذَلِكَ نَجْهَلُ كَيْفِيَّتَهُ وَنَحْنُ مُؤْمِنُونَ بِهِ كَمَا أَخْبَرَنَا اللَّهُ ﷿ عَنْهُ عَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِهِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِيمَانًا بِالْغَيْبِ وَإِنْ لَمْ نَعْلَمِ الْكَيْفِيَّةَ فَكَيْفَ بِالْخَالِقِ ﷿ وَأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وصفاته العلى، ولله الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وله الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ آمنا بالله ونشهد بِأَنَّا مُسْلِمُونَ، آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا، رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلَتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ.
1 / 212