Ma'a Al-Mushakikin Fi Al-Sunnah

Abdel Rahman Al-Khamissi d. Unknown
39

Ma'a Al-Mushakikin Fi Al-Sunnah

مع المشككين في السنة

Investigator

فاروق يحيى محمد الحاج

Genres

فقوله ﵁: (نَكْتُبُ) فيه دلالة على عدم اختصاصه ﵁ بالكتابة عن النبي ﷺ، وأنه كان يكتب غيره معه ﵁. ٣ - ومما يدل على فشو وكتابة الحديث في عهد النبي ﷺ: حديث أبي هريرة ﵁ في خطبة النبي ﷺ يوم الفتح، وفيه: (فَقَامَ أَبُو شَاهٍ -رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ- فَقَالَ: اكْتُبُوا لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: اكْتُبُوا لِأَبِي شَاهٍ. قُلْتُ (^١) لِلْأَوْزَاعِيِّ: مَا قَوْلُهُ: اكْتُبُوا لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟! قَالَ: هَذِهِ الخُطْبَةَ الَّتِي سَمِعَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ) (^٢). فهذه الخطبة كانت في فتح مكة سنة ثمان من الهجرة، وقد سمعها الآلاف من الصحابة ﵃. وفي هذا الحديث وغيره مما سبق: دلالة واضحة على نسخ النهي الوارد عن النبي ﷺ في كتابة الحديث، وهو ما رواه أبو سعيد الخدري سعد بن مالك بن سنان ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: (لَا تَكْتُبُوا عَنِّي، وَمَنْ كَتَبَ عَنِّي غَيْرَ الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ) (^٣). وقيل أيضًا في التوفيق بين هذا الحديث والأحاديث التي قبله: أن النهي خاص بوقت نزول القرآن خشية التباسه بغيره والإذن في غير ذلك. أو أن النهي خاص بكتابة غير القرآن مع القرآن في شيء واحد والإذن في تفريقهما. أو النهي متقدم والإذن ناسخ له عند الأمن من الالتباس. وهو أقربها مع أنه لا ينافيها. وقيل: النهي خاص بمن خشي منه الاتكال على الكتابة دون الحفظ والإذن لمن أمن منه ذلك (^٤).

(^١) يعني: الوليد بن مسلم الراوي عن الأوزاعي. (^٢) صحيح البخاري، كتاب اللقطة، باب كيف تعرف لقطة أهل مكة (٣/ ١٢٦)، رقم (٢٤٣٤)، وصحيح مسلم، كتاب الحج، باب تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها ولقطتها إلا لمنشد على الدوام (٢/ ٩٨٨)، رقم (١٣٥٥). (^٣) صحيح مسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب التثبت في الحديث وحكم كتابة العلم (٤/ ٢٢٩٨)، رقم (٣٠٠٤). (^٤) فتح الباري لابن حجر (١/ ٢٠٨). وقال النووي: «واختلفوا في المراد بهذا الحديث الوارد في النهي: فقيل: هو في حق من يوثق بحفظه ويخاف اتكاله على الكتابة إذا كتب ويحمل الأحاديث الواردة بالإباحة على من لا يوثق بحفظه، كحديث: «اكْتُبُوا لِأَبِي شَاهٍ»، وحديث صحيفة علي ﵁، وحديث كتاب عمرو بن حزم الذي فيه الفرائض والسنن والديات، وحديث كتاب الصدقة ونصب الزكاة الذي بعث به أبو بكر ﵁ أنسًا ﵁ حين وجهه إلى البحرين، وحديث أبى هريرة: «أن ابن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ كَانَ يَكْتُبُ وَلَا أَكْتُبُ»، وغير ذلك من الأحاديث. وقيل: إن حديث النهي منسوخ بهذه الأحاديث وكان النهي حين خيف اختلاطه بالقرآن فلما أمن ذلك أذن في الكتابة. وقيل: إنما نهى عن كتابة الحديث مع القرآن في صحيفة واحدة لئلا يختلط فيشتبه على القارئ في صحيفة واحدة. والله أعلم». المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج لأبي زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي "المشهور بـ: شرح صحيح مسلم للنووي، وبـ: شرح النووي على مسلم" (١٨/ ١٣٠).

1 / 40