Ma'a Al-Mushakikin Fi Al-Sunnah
مع المشككين في السنة
Investigator
فاروق يحيى محمد الحاج
Genres
ومعناها كالآية السابقة.
ثانيًا: ليس في عذاب القبر شك عند أهل السنة، وهم السواد الأعظم من المسلمين. وقد دل عليه عندهم أحاديث كثيرة صريحة، تبلغ بمجموعها حد التواتر (^١)، مروية في كتب: الصحاح، والسنن، والمسانيد، وغيرها من كتب الحديث. وقد جمعها بعض الأئمة في مصنفات خاصة، منهم: الإمام البيهقي، وسمى كتابه: "إثبات عذاب القبر وسؤال الملكين" (^٢).
ثالثًا: يستدل منكرو عذاب القبر على إنكارهم له بقوله تعالى: ﴿قَالُوا يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا﴾ [يس:٥٢]. وأنهم لو كانوا يعذبون لم يكن القبر على هيئة المرقد لهم.
والجواب عن استدلالهم هذا:
١ - أن المراد بقولهم: ﴿مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا﴾ [يس:٥٢]؟ أي: من بعثنا من قبورنا ومضاجعنا؟ وليس في الآية أنهم لم يكونوا يعذبون فيها.
٢ - أن النفخة في الصور لهولها وعظمها أنستهم ما كانوا فيه من عذاب في قبورهم.
٣ - قيل: إنه بعد النفخة الأولى ينقطع العذاب والنعيم عن أهل القبور فينامون حتى النفخة الثانية، فإذا سمعوها خرجوا من قبورهم وقالوا: ﴿يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا﴾ [يس:٥٢].
٤ - لا يلزم من إثبات عذاب القبر استمراره إلى يوم القيامة، بل هو عائد إلى مشيئة الله تعالى، فلعل النفخة الثانية تكون في وقت انقطاع العذاب عنهم وفي حال نومهم.
والله أعلم.
(^١) انظر: الحاشية السابقة.
(^٢) قال الإمام الآجري بعد أن ذكر الأحاديث المثبتة لعذاب القبر: «ما أسوأ حال من كذب بهذه الأحاديث، لقد ضل ضلالًا بعيدًا وخسر خسرانًا مبينًا». الشريعة للآجري (٣/ ١٢٨٧).
1 / 107