ومن هذا الوقت إلى الآن، والأوروبيون، أو بالأحرى الغربيون، يسودون العالم. •••
كان الأتراك من حيث لا يقصدون، سببا للنهضة في أوروبا، ولكن لنا الحق في أن نسأل هنا:
لماذا كان الأتراك في القرن الخامس عشر، عندما فتحوا القسطنطينية، رمزا للشرف والقوة حتى كان الإغريقي، حين يجب أن يطري أحد إخوانه من الإغريق، يقول إنه «تركي»، ثم لماذا انهاروا حتى صاروا في السنين الأخيرة التي سبقت نهضة أتاتورك يوصفون بالضعف والتأخر والرجعية والاستكانة؟
أعتقد أن السبب واضح، وهو أن الأتراك بعد أن علموا من حيث لا يدرون على إخراج أوروبا من القرون الوسطى إلى العصر الحديث، وقعوا هم أنفسهم في القرون الوسطى.
إذ ما هي القرون الوسطى؟ أي ما دلالتها؟
هي التقيد بالنصوص التي في الكتب الموروثة دون مباشرة الطبيعة بتسليط العقل عليها، واستخراج المعارف منها.
هي سيادة العقائد على المعارف، والتليد على الطريف.
هي الاكتفاء بالثقافة الدينية دون الثقافة المدنية.
هي ثيوقراطية الدولة، أي: الدولة الدينية دون الدولة المدنية.
وكل هذا يؤدي إلى سيادة الرجعية، أي: الرجوع بالشعب في عاداته وأسلوب عيشه وتفكيره إلى ما كان عليه أسلافه قبل ألف أو ألفي سنة.
Unknown page