Ma Bacd Hadatha Muqaddima Qasira
ما بعد الحداثة: مقدمة قصيرة جدا
Genres
بينما أكتب هذا المقطوعة تعلمت آلات البيانو وصفارات الإنذار الأنثوية بأصواتها التي تشبه هديل الحمام، وأبواق قصر فاهالا النحاسية، والطبول النحاسية القارعة، والثالوث المسيحي، بالإضافة إلى عدد لا يحصى من النغمات المنخفضة؛ التخلي عن صراعاتها والتعايش بعضها مع بعض.
كيه روبرت شفارتس، «الفنانون التبسيطيون» (1996)
إنها عمل فني مضحك مثل أي عمل آخر ذكر في هذا الكتاب.
المابعدية والنضوب الثقافي
لذا طالبت العديد من أساليب فن ما بعد الحداثة الابتكارية - من خلال الفنانين والمؤسسة النقدية - بتفسيرات تعتمد على تلك المفاهيم النظرية البارزة مثل الانعكاسية، التي تنبع من وعي الفنان الذاتي بالمنهج والأيديولوجية الفنية، الذي يتضمن تحويل العمل إلى نقد موجه إلى القيود المسيطرة سابقا على النوع الفني، ومن ثم إلى القيود السياسية كذلك، حسبما يرى نقاد ما بعد الحداثة. أحد الأمثلة الممتازة على الوعي بهذه العلاقة «المابعدية» مع الحداثة نجده في عمل جيف وول الذي قدمه عام 1979 بعنوان «صورة للنساء»، ويعرض محاكاة بارعة للمنظور غير المباشر في لوحة مانيه «حانة في فولي برجير». يظهر وول في الصورة - بينما يمسك في إحدى يديه زر الكاميرا - محدقا في انعكاس في المرآة لفتاة تتخذ نفس وضع ساقية البار في لوحة مانيه. لا يؤدي هذا فحسب إلى تولد علاقة معقدة وجذابة بين الشخصيتين في الصورة، بل يطرح كذلك تنويعا شديد الذكاء على مراوغة «النظرة الذكورية» حسب تحليل النقاد النسويين في هذه الفترة.
شكل 4-7: «صورة للنساء»، (1979) لجيف وول. (من ينظر إلى من، وبأية زاوية، ولماذا؟)
علاوة على ذلك، أدى هذا الوعي الذاتي الهائل إلى فكرة أن فنان ما بعد الحداثة المرئي يأتي بالفعل «بعد» الحداثة، نظرا إلى عبء التاريخ الماضي (فضلا عن تعهداته السياسية والأخلاقية النازعة إلى التقليد التي أصبحت موضع شبهة حاليا) والمعتقدات الجديدة المرتبطة بالتناص التي ناقشناها سابقا؛ إذ كتب على أعماله أن تصبح تكرارا (أو «إعادة كتابة» أو «اقتباسا») مثل أعمال الكتاب، فهي حتما نسيج متناص من الاقتباسات والاستعارات من الماضي، تشير إلى أعمال أخرى لا إلى أي واقع خارجي. ومن ثم، أصبحت المفاهيم الطليعية النموذجية التي اتسمت بقدر كبير من الفردية وتمتعت بالتقدير في السابق عرضة للهجوم. فكثير من فن ما بعد الحداثة المرئي يبدو سهل التكرار ويتسم بالسطحية والافتقار المتعمد إلى العمق، وهو ما يتضح سريعا إذا قارنا - مثلما فعل جيمسون - لوحة أندي وارهول «أحذية بلمعان الماس» بلوحة «حذاء الفلاح» لفان جوخ التي تعكس (من منظور هايدجر) معرفة عميقة وكاشفة بالعالم الذي تنتمي إليه. يرى الكثير أن عمل ما بعد الحداثة الفني هو في جميع الأحوال عمل هجين، ومختلط أسلوبيا، ويدين للأعمال السابقة نظرا لمحاكاته لها.
أحد ردود الفعل تجاه ذلك كانت التأكيد صراحة على الافتقار إلى الأصالة؛ إذ طور دوجلاس كريمب بحلول عام 1980 نظرية عن تصوير ما بعد الحداثة الفوتوغرافي استنادا إلى أعمال سيندي شيرمان وشيري ليفين وريتشارد برنس ، ممن نالوا المديح على:
إظهار التصوير الفوتوغرافي دوما باعتباره «إعادة» تقديم لشيء شوهد دائما من قبل. إن صورهم مختلسة ومصادرة ومستولى عليها و«مسروقة». وفي أعمالهم، لا يمكن تحديد الأصل، فهو مؤجل دوما، وحتى الذات التي قد تولد عملا أصليا تعرض كنسخة في حد ذاتها.
دوجلاس كريمب، «نشاط ما بعد الحداثة التصويري الفوتوغرافي»، في 15 أكتوبر (1980)
Unknown page