195

وتسأل السيدة سوزان: «فوق كل مقام؟! ألم يكن ذلك حديثا شديد الجرأة في تلك الأيام؟»

ويقول لها زوجها: «نعم، كان يقول إن الحكام ليسوا في حقيقة الأمر إلا خداما أجراء للشعب، يخدمونه ويأخذون منه أجرهم.»

وتقول السيدة سوزان: «ألم تذكر لي أن صاحبك أبا العلاء قال شيئا مثل هذا؟»

ويرد الدكتور طه: «نعم، قال أبو العلاء عن بعض الحكام الجائرين:

ظلموا الرعية واستجازوا كيدها

وعدوا مصالحها وهم أجراؤها

على أن لطفي السيد هو نفسه الذي حببني إلى أبي العلاء، وقد أسعدني جدا رضاؤه عن الرسالة التي كتبتها عن أبي العلاء وقدمتها للحصول على درجة الدكتوراه من مصر.»

وتقول السيدة سوزان: «كذلك أذكر أنك لم تقدم رسالتك عن ابن خلدون إلى السوربون إلا بعد أن أرسلتها من باريس إليه في القاهرة فقرأها واستحسنها.» •••

ونحن نرى بعد ذلك داخل المجمع الدكتور طه حسين، نائب رئيس المجمع، ينهي خطابه في توديع الرئيس.

يقول طه حسين: «إني فقدت كثيرا من الأحباء الأعزاء علي، فوجدت ما يجد الإنسان من اللوعة والأسى، ولكني لم أجد قط مثل ما أجد الآن، بعد أن فقدت هذا الأب الرحيم والصديق الحميم، ولم يخطئ الشاعر القديم حين قال:

Unknown page