140

مايو عام 1952.

طه حسين في مكتبه بالمنزل يملي على سكرتيره الجزء الثاني من كتاب «الفتنة الكبرى»، يقول: «... وكان شديد الحرص على أن يحقق المساواة بين الناس في قوله وعمله وفي وجهه، وفي قسمته لما كان يقسم فيهم من المال، بل كان يحرص على هذه المساواة حين يعطي الناس إذا سألوه ... جاءته امرأتان ذات يوم تسألانه، وتبينان فقرهما، فصرف لهما حقهما، وأمر من اشترى لهما ثيابا وطعاما وأعطاهما مالا، ولكن إحداهما سألته أن يفضلها على صاحبتها لأنها امرأة من العرب وصاحبتها من الموالي، فأخذ شيئا من تراب فنظر فيه ثم قال: ما أعلم أن الله فضل أحدا من الناس على أحد إلا بالطاعة والتقوى.»

ويتوقف الإملاء للرد على التليفون.

ويسمع طه حسين حديث محدثه ثم يضع السماعة.

ويقول طه حسين: «وزارة جديدة! إن الوزارة السابقة لم تكمل شهرا واحدا! مسكينة مصر، كيف يمكن العمل في هذا الجو؟!»

ويقول السكرتير: «لن ننتهي إذن من هذا الكتاب قبل السفر.»

ويرد طه: «لا بأس، نكمله في إيطاليا، قبل أو بعد مؤتمر اليونسكو في البندقية في سبتمبر القادم إن شاء الله، لا تنس أن نأخذ معنا كتاب «بحار الأنوار» وكتاب «فرق الشيعة».»

ويقول السكرتير: «جاهزان، وهل نأخذ أيضا الكتاب الذي كنا نقرأ فيه أمس؟»

ويقول طه حسين: ««الأصول المهمة في معرفة الأئمة» لابن الصباغ؟ نعم، أرجو أن يكون لدينا الوقت في الصيف لمراجعة هذا كله ثم لإتمام الكتاب.»

ويقول السكرتير: «وهناك كذلك البحث الذي يجب إلقاؤه في مؤتمر البندقية.»

Unknown page