ويقول طه: «هذا «ماجنتفون» أو ما يسميه الإنجليز «ريكوردر» ... خليفة الفونوغراف الذي توفي إلى رحمة الله!»
وتقول سوزان: «أنت تعرف أنني لا أفهم كثيرا في هذه الآلات.»
فيشرح طه حسين لها بالتفصيل ماذا يجب أن تفعل ، وهي تعمل ما يطلبه، والريكوردر يشتغل، وتسمع ألحانا من أوبرا حلاق أشبيلية.
وتقول سوزان: «حلاق أشبيلية! هذا تسجيل للفرقة الإيطالية التي كانت هنا في الشتاء الماضي! تذكر عندما ذهبنا ...؟» وتسكت وهي تتخيل دار الأوبرا وبنوار الوزير وهو يسمع بانتباه، وتستعيد المنظر على مسرح الأوبرا وطه حسين يتابع الموسيقى ووقع خطوات الراقصين.
وتقول سوزان: «هل تذكر الخطاب الذي وصلنا في اليوم التالي؟»
ويرد طه: «نعم، الشاب المسكين الذي قال إنه كان يعاني من مصاعب وشدائد في حياته.»
وتقول سوزان: «لقد كتب لك أنه عندما رآك في الأوبرا أقسم أنك لم تكن تتابع الموسيقى فقط، بل كنت تتابع الرقص التوقيعي أيضا، وأنه بعد أن رأى ذلك وأدرك كيف واجهت أنت بنجاح كل صعب وتحملت بنبل كل حزن، اتضح له أن مشاكله هو وأحزانه لا وزن لها، وأحس وهو يراك أنه يتخفف تماما مما كان يثقله من المشاكل، وأنه ينتصر هو أيضا على أحزانه.»
ويقول طه: «نعم، أذكر الخطاب ولا أعرف من صاحبه حتى الآن، أذكر أنه قال إنه كان زميلا لأولادنا في المدرسة. الانتصار على المشاكل ممكن، أما الحزن فإنه لا يعلن للناس، والناس لا تعرف إن كانت أحزاننا قد هزمت أم لم تهزم ... كيف لهم أن يعرفوا؟»
ويقطع الحديث خادم يقول إن أحد إخوة الدكتور يتكلم من مدينة المنيا بالتليفون، ويتناول طه حسين التليفون فيسأل: «كيف كان ذلك؟ متى؟» ثم يقول: «في أول قطار.»
وتسأل سوزان: «أول قطار! هل تسافر؟! خير؟!»
Unknown page