135

ويرد رئيس الوزراء النحاس باشا: «طبعا فرنسا تعتبر الجزائر جزءا منها، واللغة الفرنسية هي لغة المستوطنين الفرنسيين الذين يعتبرون أنفسهم أصحاب البلاد، وإنشاء مصر معهدا للحضارة الإسلامية والعربية في الجزائر معناه مقاومة هذا الاتجاه الاستعماري، وهذا لن تسمح به باريس، لن تسمح به حتى يضطرها الجزائريون وتضطرها مصر ويضطرها العرب جميعا إلى ذلك!»

ويقول طه حسين: «وزارة المعارف كانت تفكر في التقدم لمجلس الوزراء بمشروع إنشاء مدارس مصرية ثانوية في شمال أفريقيا وغيرها، على مثال الليسيه التي تنشئها فرنسا خارج بلادها، ولو توافرت لنا الإمكانات لاستطعنا أن نفرض إنشاء هذه المدارس في البلاد العربية الواقعة تحت الاستعمار، وذلك بتهديدنا للحكومات الاستعمارية بإغلاق مدارسها عندنا إذا هي لم توافق على إنشاء مدارسنا في الأراضي العربية التي تحتلها.»

ويقول النحاس باشا: «طبعا، هذه الأفكار واردة في كتاب «مستقبل الثقافة»، وطبعا ستذكرني بأنني مرتبط، أنا غير ناس ... لكن واحدة واحدة.

والآن ندخل الجلسة وسترى أن أحدا من إخواننا لن يعارض آراءك.» •••

في منزل الوزير، الوزير يتحدث مع الدكتور الجراح محمد كامل حسين ومع الدكتور حسين فوزي والأستاذ توفيق الحكيم عن معهد الأحياء المائية المقام في قايتباي، ومجهود الدكتور حسين فوزي هناك، ويستطرد الحديث إلى الموسيقى وإلى دور الكونسرفتوار في مستقبل الموسيقى في مصر، يقول الدكتور حسين فوزي: إنكم ساعدتم على إحداث ثورة في التمثيل في مصر بإنشاء معهد التمثيل، وشاركتم في أول امتحان عقد في عام 1930 في نادي الموسيقى الشرقي للمتقدمين والمتقدمات للالتحاق بالمعهد.

يقول طه حسين: «نعم، كانت لجنة الامتحان برياسة الأستاذ محمد حسن العشماوي، السكرتير العام لوزارة المعارف في ذلك الوقت، وكان من أعضائها الأساتذة جورج أبيض وزكي طليمات وإبراهيم رمزي، ثم جاء الوزير حلمي باشا عيسى فألغى المعهد، ولكن حلمي باشا عيسى ذهب والمعهد بعث بعد ذلك من جديد، وكان له أثره الكبير في تطوير التمثيل.»

ويقول كامل حسين: «نريد مزيدا من الاهتمام بالمعاهد الثقافية في الخارج أيضا.»

ويرد طه حسين قائلا: «نحن الآن مشغولون بإنشاء معاهد للغة العربية والدراسات الإسلامية خارج مصر، إن اللغة العربية مهددة في الجزائر وشمال أفريقيا، ويجب على مصر أن تعين أهل المغرب في جهادهم للمحافظة على لغتهم وثقافتهم.»

كامل حسين: «إن كتاباتك وكتابات الأدباء المصريين تهرب إلى إخواننا في المغرب تهريبا، ومجلة مثل «الرسالة» يتداولها أهل الجزائر سرا، ويعرفون منها أن اللغة العربية لغة حية كاللغة الفرنسية، وليست لغة متحجرة منقرضة كما يريد المستعمر أن يفهمهم؛ ولهذا تحارب سلطات الاستعمار مؤلفات طه حسين وزملائه ومجلة الرسالة وما يماثلها.»

ويرد طه حسين: «هيهات! لن يفلحوا في أن ينسى أهل المغرب لغتهم، إن جامعة الزيتونة لها في المغرب مقام يقارب مقام الأزهر عندنا.» •••

Unknown page