Luqtat Cajlan

Qannawji d. 1307 AH
186

Luqtat Cajlan

لقطة العجلان مما تمس إلى معرفته حاجة الإنسان

Publisher

دار الكتب العلمية-بيروت

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٠٥-١٩٨٥

Publisher Location

لبنان

مَا كَانُوا ملكوه من ثغور الشَّام وَذَلِكَ لمحو ثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة من الْهِجْرَة وَهدم تِلْكَ الْكَنِيسَة وَأظْهر الصَّخْرَة وَبنى الْمَسْجِد على النَّحْو الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ الْيَوْم لهَذَا الْعَهْد وَلَا يعرض لَك الأشكال الْمَعْرُوف فِي الحَدِيث الصَّحِيح أَن النَّبِي ﷺ سُئِلَ عَن أول بَيت وضع فَقَالَ مَكَّة قيل ثمَّ أَي قَالَ بَيت الْمُقَدّس قيل فكم بَينهمَا قَالَ أَرْبَعُونَ سنة فَإِن الْمدَّة بَين بِنَاء مَكَّة وَبَين بِنَاء بَيت الْمُقَدّس بِمِقْدَار مَا بَين إِبْرَاهِيم وَسليمَان لِأَن سُلَيْمَان بانيه وَهُوَ ينيف على الْألف بِكَثِير وَاعْلَم أَن المُرَاد بِالْوَضْعِ فِي الحَدِيث لَيْسَ الْبناء وَإِنَّمَا المُرَاد أول بَيت عين لِلْعِبَادَةِ وَلَا يبعد أَن يكون بَيت الْمُقَدّس عين لِلْعِبَادَةِ قبل بِنَاء سُلَيْمَان بِمثل هَذِه الْمدَّة وَقد نقل أَن الصابئية بنوا على الصَّخْرَة هيكل الزهرة فَلَعَلَّ ذَلِك أَنَّهَا كَانَت مَكَانا لِلْعِبَادَةِ كَمَا كَانَت الْجَاهِلِيَّة تضع الْأَصْنَام والتماثيل حوالي الْكَعْبَة وَفِي جوفها والصابئية الَّذين بنوا هيكل الزهرة كَانُوا على عهد إِبْرَاهِيم ﵇ فَلَا تبعد مُدَّة الْأَرْبَعين سنة بَين وضع مَكَّة لِلْعِبَادَةِ وَوضع بَيت الْمُقَدّس وَإِن لم يكن هُنَاكَ بِنَاء كَمَا هُوَ الْمَعْرُوف وَأَن أول من بنى بَيت الْمُقَدّس سُلَيْمَان ﵇ فَفِيهِ حل هَذَا الْإِشْكَال وَأما الْمَدِينَة وَهِي الْمُسَمَّاة بِيَثْرِب فَهِيَ من بِنَاء يثرب بن مهلائل من العمالقة وملكها بَنو إِسْرَائِيل من أَيْديهم فِيمَا ملكوا من أَرض الْحجاز ثمَّ جاورهم بَنو قيلة من غَسَّان وغلبوهم عَلَيْهَا وعَلى حصونها ثمَّ أَمر النَّبِي ﷺ بِالْهِجْرَةِ إِلَيْهَا لما سبق من عناية الله بهَا فَهَاجَرَ إِلَيْهَا وَمَعَهُ أَبُو بكر وَتَبعهُ أَصْحَابه وَنزل بهَا وَبنى مَسْجده وبيوته فِي الْموضع الَّذِي كَانَ الله قد أعده لذَلِك وشرفه فِي سَابق أزله وآواه أَبنَاء قيلة ونصروه فَلذَلِك سموا الْأَنْصَار وتمت كلمة الْإِسْلَام من الْمَدِينَة حَتَّى علت على الْكَلِمَات وَغلب إِلَى قومه وَفتح مَكَّة وملكها وَظن الْأَنْصَار أَنه يتَحَوَّل عَنْهُم إِلَى بَلَده فأهمهم ذَلِك فخاطبهم رَسُول الله ﷺ وَأخْبرهمْ أَنه غير متحول حَتَّى إِذا قبض رَسُول الله ﷺ كَانَ ملحده الشريف بهَا وَجَاء فِي فَضلهَا من الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة مَا لَا خَفَاء بِهِ وَوَقع الْخلاف بَين الْعلمَاء فِي تفضيلها على مَكَّة وَبِه قَالَ مَالك ﵀ لما ثَبت عِنْده فِي ذَلِك من النَّص الصَّرِيح عَن رَافع بن خديج أَن النَّبِي ﷺ قَالَ الْمَدِينَة خير من

1 / 188