Lughz Cishtar
لغز عشتار: الألوهة المؤنثة وأصل الدين والأسطورة
Genres
15
إذا انتقلنا إلى الشرق الأدنى القديم وجدنا في الديانة الأوزيرية المصرية أوضح مثال على معتقدات الخلاص الشرقية. فهنا تطور الإله أوزوريس، كغيره من آلهة الخصب، من إله قمري إلى إله للدورة الزراعية، وأخيرا إلى إله مخلص يحكم العالم الأسفل ويتلقى الموتى، فيحاسبهم على ما قدمت أيديهم في الحياة الدنيا، ويزن حسناتهم وسيئاتهم فيرسل بالمحسنين إلى النعيم وبالمفسدين إلى الجحيم. وفي شكله الأخير هذا، صار أوزوريس أكثر الآلهة شعبية في مصر خلال الألف الأول قبل الميلاد، وطغت عبادته تدريجيا على عبادة الآلهة الرسمية.
في بداية التاريخ المصري كان الخلاص وقفا على الملك الذي يعتبر تجسيدا بشريا لأوزوريس، وكانت قصة حياة الإله القصيرة وآلامه وموته وبعثه، تتلى من قبل الملك شخصيا لضمان خلاصه وخلوده من دون بقية البشر. وما لبث بعض الأفراد من الأسرة الملكية ومن علية القوم أن شاركوا في ذلك الطقس، فاتسعت دائرة الناجين وتأسست عبادة أوزوريس السرية التي بقيت في توسع مستمر، حتى شملت أخيرا كل عابد صادق راغب في خلاص نفسه.
16
وكان المحظوظ بين الناس من يجد له قطعة صغيرة من الأرض يحفرها قبرا له في الأرض المقدسة التي تضم قبر الإله وهيكله المقدس، فيشارك الإله بعثه وخلوده.
17
هذا وتشير عادات الدفن إلى الأمل الذي يعقده الميت على أوزوريس الذي سيبعثه كما انبعث هو في سنابل القمح الجديدة. ففي كثير من القبور تم العثور على دمى مصنوعة من القماش، محشوة بحبوب القمح موضوعة في تابوت خشبي أو فخاري قرب تابوت المتوفى، كما عثر على نوع آخر من الدمى، مصنوع وجهها من الشمع الأخضر المحشو بحبوب القمح. وقد توضع بين ساقي المومياء دمى من طين زرعت فيها حبوب قمح قد انتشت وبرزت سيقانها الصغيرة.
18
وإلى جانب عادات الدفن هذه، تزودنا الصلوات والأدعية الأوزيرية من كتاب الموتى المصري، بفكرة عن أصول معتقد الخلاص الأوزيري نقرأ في إحداها: «أي أوزوريس، يا أبي المقدس، احفظ أعضاء جسدي فلا أفنى. لم أفعل في حياتي أمرا تكرهه، فلا تجعلني أصير إلى الديدان، خلصني كما خلصت نفسك، ولا تتركني إلى الفساد كبقية الأحياء؛ أي أوزوريس يا أبي المقدس، جسدك لم يتحلل، لم يدركه الهلاك، فاجعلني مثلك، دعني أحيا، دعني أستيقظ في سلام.»
19
Unknown page