Lughz Cishtar
لغز عشتار: الألوهة المؤنثة وأصل الدين والأسطورة
Genres
إن ما يميز دورة حياة الإله بعل عن أشباهه من آلهة الطبيعة في ميثولوجيا الشرق القديم والعالم اليوناني، هو أن دورة حياة هذا الإله ليست دورة سنوية، بل دورة تتبع نظاما خاصا يعيش بموجبه سبع سنوات، ثم يموت ليبعث من جديد إلى سبع سنوات أخر. وعليه فإن التفسيرات المتعجلة التي تطابق بين بعل وبقية الآلهة كتموز وأدونيس وغيرهما، فتجعله تجسيدا لروح النبات التي تموت وتحيا في كل عام، لا تصمد أمام النقد. كما أن التفسيرات الأخرى التي تفسر أسطورة بعل بوجود دورة مناخية في سوريا القديمة، كانت تتسبب في حصول جفاف الأرض وندرة المطر في كل سبع سنوات هي تفسيرات ضعيفة؛ رغم أننا لا نستبعدها تماما. والحقيقة في رأينا هي أن تفسير هذه الأسطورة يجب أن ينطلق من فكرة التجديد الدوري للقوة الإلهية، وهي فكرة قائمة في ميثولوجيا وطقوس المنطقة المشرقية ولدى بعض الثقافات البدائية الحديثة، وثقافات أخرى موغلة في القدم.
لم تكن القوة الإلهية، بالنسبة للإنسان القديم، قوة مطلقة لا ينتابها وهن أو قصور، بل كانت في بعض جوانبها، كقوة الإنسان، تطلب سندا ومددا دوريا لتجدد نفسها كلما آنست ضعفا، وتبدأ دورة نشيطة أخرى. فأعياد رأس السنة البابلية لم تكن، كما رأينا، سوى طقوس تهدف إلى شحن الطاقة الإلهية التي تسند الكون المنظم، بقوة جديدة في مواجهة قوى العماء الأولى التي تحاول إعادة الكون إلى سكونه القديم. وفي أسطورة إيرا إله الأوبئة الفتاكة (البابلية)، نجد كبير الآلهة يمضي للاستجمام في مكان تجدد ناره المطهرة قواه بعد ضعف ووهن:
إلى بابل، مدينة ملك الآلهة، شد إيرا رحاله،
دخل «الإيزاجيلا» قصر السماوات والأرض، ومثل أمام مردوخ،
فتح فمه وقال مخاطبا ملك الآلهة:
أيها الرب، إن الهالة النورانية رمز ألوهتك،
المشعة أبدا كنجم سماوي،
قد خبا لونها،
وتاج سيادتك قد مال عن رأسك،
اترك مكان سكنك وانطلق،
Unknown page