أما الزمن الحاضر فلا غرابة في العناية بأجزائه وتقسيماته؛ لأن كل لحظة منه ذات شأن في الحركة والإقامة، وفي المرعى والتجارة، وفي الحرب والأمان.
وليس من الطبيعي أن يبلغ إحساس قوم بالوقت هذا المبلغ، ثم يخلو كلامهم من الدلالة على الإحساس به في مختلف مواضعه ومناسباته.
والواقع أن اللغة العربية تستوفي هذه الدلالة بأسلوبيها المعروفين في اللغات؛ ونعني بهذين الأسلوبين أسلوب الكلمات المستفادة من التصريف والاشتقاق أو من الأدوات المصطلح على تخصيصها لمعانيها، وأسلوب التعبيرات التي تدخل في عداد الجمل والتراكيب.
ومن الأسلوب الأول الصيغ التي تأتي من تصريف الفعل للدلالة على المستقبل الإنشائي كفعل الأمر، فإنه في اللغة العربية مخصص بصيغتين لهذا المعنى بغير لبس في الزمن ولا في الفاعل، فيقول العربي: اكتب، ويفهم من ذلك أن الكتابة مطلوبة للمستقبل غير حاصلة حتما، فإذا عبر المتكلم بالإنجليزية عن هذا الفعل، فترجمة «اكتب» فيها كلمة
Write ، وهي تدل على مجرد الكتابة بغير زمن محدود، ولا تتخصص لمعنى الأمر إلا إذا قيل:
Do write
أو
You should write ، ويندر في اللغات الغربية ما يشتمل على تخصيص أدق من هذا التعميم.
أما الأسلوب الآخر - وهو أسلوب الدلالة على الزمن بالتعبيرات التي تدخل في عداد الجمل والتراكيب، فكل ما أمكن التعبير عنه بهذا الأسلوب في لغة من اللغات، فهو ممكن في اللغة العربية في سهولة كسهولتها أو أسهل منها.
فقد ينسب القول مثلا إلى أحد من الناس كأنه عادة كان يأتي بها في غير زمن محدود، فيقول المتكلم بالإنجليزية:
Unknown page