فبت كأني ساورتني ضئيلة
من الرقش في أنيابها السم ناقع
فينسى النحاة أن علامة الرفع في القافية تدل على الصفة، وتعطي الكلمة معناها الذي يلائم الوزن ويلائم الإعراب، وما أخطأ النابغة حين قال: «ضئيلة ناقع في أنيابها السم ...» ولا هو بمخطئ في تأخير الصفة إلى مكان القافية؛ لأنها - وهي مرفوعة - لا تكون إلا صفة موافقة لموصوفها أينما انتقل بها ترتيب الكلم المنظوم.
ويقول أبو سعيد الرستمي في وصف دار ابن عياد:
وسامية الأعلام تلحظ دونها
سنا النجم في آفاقها متضائلا
فلا يضير الشاعر أن يضع النحاة «متضائلا» هنا حيث أرادوا من مواضع الإعراب: هي حال وإن أرادها النحاة مفعولا ثانيا، وهي قافية مطمئنة في موقعها على حسب الوزن، وعلى حسب المعنى في كل كلام منظوم أو منثور، ولا يستقيم هذا النسق لشاعر ينظم بغير اللغة العربية؛ لأن الترتيب الآلي، يقيده بموضوع لا يتعداه، حيث يطلقه الإعراب «العربي» المعدود في عرف أعدائه الجهلاء قيدا من القيود.
وتتبع هذه الضآلة إلى موقعها من نظم شاعر معاصر يضعها حيث صح له وضعها بلفظها ووزنها ومعناها، فقال:
قطعوا بأيديهم خيوط سيادة
كانت كخيط العنكبوت ضئيلا
Unknown page