Lubb Tarikh Camm
لب التاريخ العام فيما صدر من غابر الأعوام
Genres
ثم إنهم استمروا في الحرب، ففتحت جيوشهم من جهة الشرق بلاد «التركستان» وشمال الهند في سنة سبع وسبعمائة، ومن جهة الغرب فتحت تونس والجزائر ومراكش، ثم مرت من بوغاز جبل طارق، وفي واقعة واحدة فتحت جميع الأندلس في سنة إحدى عشرة وسبعمائة، وامتدت مملكة الخلفاء من البحر المحيط إلى نهر «الإندوس»، فما رأت عين ولا سمعت أذن بمملكة أكبر من هذه.
وكان يوجد أيضا مسلمون، تركب سفنهم وتخترق البحر الأبيض المتوسط، وكلما تقابل نصرانيا تأخذه أسيرا، وكثيرا ما كانت تنزل من سفنهم على سواحل إيطاليا وفرنسا؛ لتنهب القرى وتسلب الأولاد والنساء، وقد استولت على جميع «سيسيليا» وجزء من جنوب إيطاليا، وكان لها قلعة بالقرب من «نيس»، وبالجملة قد علت كلمة العرب، وقويت شوكتها، وخضعت لها أغلب سكان المعمورة، واستولت على الغبراء والخضراء.
الكلام على انشقاق مملكة العرب
إن مملكة الخلفاء لم تقم زمنا طويلا؛ إذ إنها انقسمت بين خليفتين؛ أحدهما كان ببغداد بالقرب من نهر الفرات، والآخر كان «بكوردو» في بلاد الأندلس، ثم تكونت جملة ممالك أخرى إسلامية بمصر والشام والجزائر ومراكش والفرس. ثم في سنة ثمان وخمسين ومائتين وألف خربت أقوام المونجول بغداد وانحطت دولة الخلفاء، ولكن البلاد التي دخلها الإسلام لم ينفصم حبل دينها، ولم يتغير، ولم يزل إلى الآن شديدا، رغما عن حوادث الزمان، وانقلاب الأيام، وهذا مما يدل على وثوق عرى الإسلام وصحة أساس مبناه، ويبرهن على أنه موطد بدعائم الحق اليقين، ويوجد في المعمورة ما يربو على مائتي مليون من المسلمين تقريبا.
تمدن العرب
إن العرب كانت صناديد ورجال حرب، وكانت تصبو إلى القريض والعلم متحلين بحلي الفصاحة والنباهة، أصحاب عفة ومنعة وعزة، لا يعرف الكرم إلا ديارهم، ولا يصبو فؤاد المجد إلا لهم، ولا يتحلى الفضل إلا بهم، ولا ينزل العدل والإحسان إلا في بيوتهم. وقد أسسوا ديار العلوم ببغداد ودمشق وكوردو، ولا يخفى شهرة مدرسة «سالرن» التي كانت أقدم مدرسة في الطب بأوروبا، واشتغلت العرب كثيرا بعلم الكيمياء، وهم الذين أوجدوا الكئول، وشيدوا القصور والجوامع العجيبة، وكان الخلاء حول مدنهم مفروشا بالخضرة كحديقة أخذت زخرفها وازينت، تروق الناظر وتدهش الخاطر. وبالجملة فإن تمدن العرب كان بلغ الدرجة القصوى والنهاية العظمى.
الملخص
أولا:
إن سيدنا محمدا
صلى الله عليه وسلم
Unknown page