وكل ماءٍ وقعت فيه نجاسةٌ لم يجز الوضوء به، قليلًا كان أو كثيرًا؛ لأن النبي ﵊ أمر بحفظ الماء من النجاسة؛ فقال: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسلن فيه من الجنابة (١) ". وقال ﵊: "إذا استيقظ
ــ
عنه، فلو خرج عن طبعه أو حدث له اسم على حدة - كأن صار ماء الصابون أو الأشنان ثخينًا أو صار ماء الزعفران صبغًا - لا تجوز به الطهارة.
(وكل ماء وقعت فيه نجاسة لم يجز الوضوء به) لتنجسه (قليلا كان) الماء (أو كثيرًا) تغيرت أوصافه أو لا، وهذا في غير الجاري وما في حكمه كالغدير العظيم؛ بدليل المقابل (لأن النبي ﷺ أمر بحفظ الماء من النجاسة) بنهيه عن ضده؛ لأن النهي عن الشيء أمر بضده فقال: (لا يبولن أحدكم في الماء الدائم) يعني الساكن (ولا يغتسلن فيه من الجنابة) وقد استدل القائلون بنجاسة الماء المستعمل بهذا الحديث حيث قرن الاغتسال بالبول. وأجيب بأن الجنب لما كان يغلب عليه نجاسة المنى عادة جعل كالمتيقن (وقال ﷺ أيضا: (إذا استيقظ
_________
(١) مذهب الإمام مالك أن الوضوء يجوز ما لم يتغير لونه أو طعمه أو ريحه لحديث الماء طهور الخ. قال في الفتح ولا يصح الاستدلال به على الحصر وبيانه فيه. وقال الشافعي إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثًا كما هو نص الحديث فلا ينجس إذا كان قلتين والحديث رواه أصحاب السنن الأربعة عن ابن عمر.
وأجيب بأن الحديث مضطرب في سنده وفي متنه فروى قلتين وروى قلتين أو ثلاثة وروى أربعين قلة والاضطراب يوجب الضعف. وكذا معنى القلة لأنه لفظ مشترك بين الجرة والقربة ورأس الجبل.
استدل الحنفية بحديث الصحيحين: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل فيه وناقشهم الكمال في ذلك الاستدلال فراجعه
1 / 20