Al-Lubāb fī ʿUlūm al-Kitāb
اللباب في علوم الكتاب
Editor
الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد معوض
Publisher
دار الكتب العلمية - بيروت / لبنان
Edition Number
الأولى، 1419 هـ -1998م
الخامس: عند المعتزلة أفعاله - تعالى - يجب أن تكون حسنة، ويجب أن تكون لها صفة زائدة على الحسن، وإلا كان عبثا، وذلك في حقه تعالى محال، والزائدة على الحسن إما [أن تكون] واجبة، وإما أن تكون من باب التفضل.
أما الواجب فهو مثل إيصال الثواب، والعوض إلى المكلفين.
وأما الذي يكون من باب التفضل، فهو مثل أنه يزيد على قدر الواجب على سبيل الإحسان.
فنقول: هذا يقدح في كونه - تعالى - مستحقا للحمد، ويبطل صحة قولنا: الحمد لله.
وتقريره أن نقول: أما أداة الواجبات، فإنه لا يفيد استحقاق الحمد، ألا ترى أن من كان له على غيره دين دينار، فاداه، فإنه لا يستحق الحمد، فلو أوجبنا على الله تعالى فعلا، لكان ذلك الفعل مخلصا [له] عن الذم، ولا يوجب استحقاقه للحمد.
وأما فعل التفضل فعند الخصم أنه يستفيد بذلك مزيد حمد ولو لم يصدر عنه ذلك الفعل، لما حصل له الحمد، فإذا كان كذلك كان ناقصا لذاته مستكملا بغيره، وذلك يمنع من كونه - تعالى - مستحقا للحمد والمدح.
السادس: قوله: الحمد لله يدل على أنه - تعالى - محمود، فنقول: استحقاقه للحمد والمدح إما أن يكون أمرا ثابتا لذاته، فإن كان الأول، امتنع ثبوته لغيره، فامتنع - أيضا - أن يكون شيء من الأفعال موجبا له استحقاق الذم؛ لأن ما ثبت لذاته امتنع ارتفاعه، فوجب ألا يجب للعباد عليه شيء من الأعواض والثواب، وذلك يهدم أصول المعتزلة.
وأما القسم الثاني - وهو أن يكون استحقاق الحمد لله ليس ثابتا لذاته - فنقول: فيلزم منه أن يكون ناقصا لذاته مستكملا بغيره، وذلك على الله - تعالى - محال.
أما قول المعتزلة: إن قوله:» الحمد لله «لا يتم إلا على قولنا؛ لأن المستحق للحمد على الإطلاق هو الذي لا قبيح في فعله، ولا جور في قضيته، ولا ظلم في أحكامه، وعندنا أن الله - تعالى - كذلك؛ فكان مستحقا لأعظم المحامد والمدائح.
أما على مذهب الجبر لا قبيح إلا وهو فعله، ولا جور إلا وهو حكمه، ولا عبث إلا وهو صنعه؛ لأنه يخلق الكفر في الكافر، ثم يعذبه عليه، ويؤلم الحيوانات من غير أن يعوضها، فكيف يعقل على هذا التقدير كونه مستحقا للحمد؟
وأيضا ذلك الحمد الذي يستحقه الله - تعالى - بسب الإلهية؛ إما أن يستحقه على
Page 176