98

Al-Lubāb fī ʿUlūm al-Kitāb

اللباب في علوم الكتاب

Editor

الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد معوض

Publisher

دار الكتب العلمية - بيروت / لبنان

Edition Number

الأولى، 1419 هـ -1998م

قال ابن الخطيب: - رحمه الله تعالى -: وهذا عندي ضعيف؛ لأن الإضمار إنما يصار إليه ليصح الكلام، وهذا الإضمار يوجب فساد الكلام، والدليل عليه: أن قوله - تعالى - «الحمد لله» إخبار عن كون الحمد حقا [لله تعالى] وملكا له، وهذا كلام تام في نفسه، فلا حاجة إلى الإضمار.

وأيضا فإن قوله: «الحمد لله» يدل على كونه مستحقا للحمد بحسب ذاته، وبحسب أفعاله، سواء حمدوه أو لم يحمدوه.

قال ابن الخطيب: رحمه الله تعالى -: «الحمد لله ثمانية أحرف، وأبواب الجنة ثمانية [أبواب] ، فمن قال:» الحمد لله «بصفاء قلبه استحق أبواب الجنة الثمانية» والله أعلم.

فصل

تمسك الجبرية والقدرية بقوله تعالى: «الحمد لله» أما الجبرية فقد تمسكوا به من وجوه: الأول: ان كل من كان فعله اشرف وأكمل، وكانت النعمة الصادرة عنه أعلى وأفضل، كان استحقاقه للحمد أكثر، ولا شك أن أشرف المخلوقات هو الإيمان، فلو كان الإيمان فعلا للعبد، لكان استحقاق العبد للحمد أولى وأجل من استحقاق الله له، ولما لم يكن كذلك، علمنا أن الإيمان حصل بخلق الله - تعالى - لا بخلق العبد.

الثاني: أجمعت الأمة على قولهم:: الحمد لله على نعمة الإيمان «؛ باطلا، فإن حمد الفاعل على ما لا يكون فعلا له باطل قبيح؛ لقوله تعالى: {ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا} [آل عمران: 188] .

الثالث: أن قوله تعالى:» الحمد لله «يدل ظاهره على أن كل الحمد لله، وانه ليس لغير الله - تعالى - حمد أصلا، وإنما يكون كل الحمد لله تعالى إذا كان كل النعم من الله تعالى، والإيمان أفضل النعم، فوجب أن يكون الإيمان من الله تعالى.

الرابع: أن قوله:» الحمد لله «مدح منه لنفسه، ومدح النفس قبيح فيما بين الخلق، فلما بدأ كتابه بمدح النفس، دل ذلك على أن حاله بخلاف حال الخلق، وأنه يحسن منه ما يقبح من الخلق، وذلك يدل على أنه - تبارك وتعالى - مقدس عن أن تقاس أفعاله على أفعال العباد.

Page 175