ونقل ابن حجر في شرح هذا الحديث عن بعض الزهاد أن:
(تقدير الكلام لا تصدق في حبي حتى تؤثر رضاي على هواك وإن كان فيه الهلاك.
. . . وقال الخطابي (١) حب الإنسان نفسه طبع، وحب غيره اختيار بتوسط الأسباب وإنما أراد ﵊ حب الاختيار إذ لا سبيل إلى قلب الطباع وتغييرها عما جبلت عليه) .
ثم يستطرد ابن حجر معلقا على كلام الخطابي فيقول:
(فعلى هذا فجواب عمر أولا كان بحسب الطبع، ثم تأمل فعرف بالاستدلال أن النبي ﷺ أحب إليه من نفسه لكونه السبب في نجاتها من المهلكات في الدنيا والأخرى، فأخبر بما اقتضاه الاختيار ولذلك حصل الجواب بقوله: «الآن يا عمر» أي الآن عرفت فنطقت بما يجب) (٢) .
إذا فلم يكن حصول المحبة عند عمر ﵁ أمرا جديدا على نفسه وإنما كان الجديد لديه هو إدراكه لتلك المحبة والتفاته إليها.
وفي هذا الحديث إشارة إلى فضيلة التفكر.
فإن عمر ﵁ لما أجاب أول الأمر لم يكن قد تفكر في كون الرسول ﷺ أحب إليه من نفسه، فلما استوقفه الرسول ﷺ وراجعه تفكر وامتحن نفسه فإذا به يصل إلى النتيجة المطلوبة. وهي كون الرسول ﷺ أحب إليه من نفسه.