156

Lorca Shacir Andalus

لوركا شاعر الأندلس

Genres

والأخرى كانت القمر

قلت لهما: أيا جارتيا،

أين قبري؟

قالت الشمس: في ذيلي.

وقال القمر: في حلقي.

ما وراء الحادث

لم يكن للوركا أي انتماء حزبي محدد، فهو كمعظم الفنانين يحب أن يكون حرا، لا يقيده قيد ثقيل يشل حركته وتفكيره، إذ كان الإنسان هو هدفه، وأعظم به من هدف! غير أنه ككل فنان مرهف الحس، لا يمكن أن ينفصل عن القضايا الإنسانية العامة في كل زمان ومكان: قضايا العدالة والحرية والحب والخير، وهكذا كان يقترب بوجدانه وفنه من الشعب وقضاياه، ومن الفقراء والمحررين والبؤساء والمظلومين.

غير أن هذا «الالتزام الإنساني» الذي لا يستطيع أي فنان أصيل إلا أن يحتذيه، لم يكن ليرضي أفراد الفريق المحافظ، الذين يرون في مبادئ ذلك الالتزام انتقاصا لسلطتهم وحقوقهم وممتلكاتهم ... كذلك فقد حملت روح الفن شاعرنا على السير في درب الحداثة أيامها، وتبدت على شكل ثورته على بعض التقاليد المرعية - من التزام بالعادات والأعراف المرعية والورع الديني - واستهانته بها، وتبنيه للغريب من السلوك والملابس، مما كان يملأ صدور بعض أهل بلدته غرناطة - من الأثرياء والإقطاعيين المحافظين - بالاستهجان والاحتجاج، ونضيف إلى هذا مهاجمة الشاعر في أعماله الفنية، للسلطة التي تحد من حرية الإنسان، وقد تبدت هذه السلطة أكثر ما تبدت في الحرس المدني، الذي ناله الكثير من الانتقاد والهجوم في كثير من قصائده.

كل ذلك قد ساعد على رسم صورة معينة للشاعر - إن لم تكن بوصفه تقدميا صرفا - فعلى الأقل بكونه لا يسير على نهج المحافظين التقليديين ولا يتعاطف معهم، بل يتعاطف مع الأهداف التقدمية التي تناصر الفقراء والمحررين والمستضعفين، وقد ساعد ذلك على تصنيف الشاعر - من قبل النفوس الحاقدة التي يعميها الحسد والغيرة - ضمن تصنيف سياسية معينة، حتى إذا انفجر بركان الانقلاب وسالت الدماء أنهارا، أدرج الشاعر ضمن من يحرص قادة الانقلاب على ضرورة تصنيفهم، وأدى كل ذلك إلى النهاية الفاجعة التي وصفناها سابقا.

وقد انفجر خبر مصرع الشاعر في وسط هذه الظروف السياسية المضطربة في إسبانيا، فكان له دوي هائل في العالم بأسره، ونشرت الصحف الجمهورية في مدريد النبأ، كدلالة على وحشية مدبري الانقلاب وعدم إنسانيتهم، التي جعلتهم لا يفرقون بين بريء ومذنب، ولا يميزون الشخصيات التي تعتز بها البلاد، ولكن صحف العالم رددت النبأ بوصفه خسارة عظيمة مني بها الأدب والشعر، اللذان لا يعرفان مكانا ولا زمانا، وسارع اتحاد القلم الدولي

Unknown page