وأمَّا قول مولانا أمير المؤمنين ــ ﵇ ــ: "ولا تعدو على عزيمة جدهم بلادة الغفلات" فإيرادها من الغفلة؛ إذْ صرح فيها بـ (على) فليس فيها شبهة.
وأمَّا قوله: "فما عدا ممَّا بدا" فلـ (عدا) معانٍ كثيرة ــ كما في كتب اللغة (^١) ــ تارةً بمعنى (جدَّ في سعيه)، وتارة بمعنى ظلم، وتارة يقال: عدا اللصُّ على المال أي: سَرَقه، وتارة بمعنى (صرف)، وتارةً بمعنى (وثَبَ)، وتارة بمعنى (جاوز)، وتارة فعل استثناء، وتارة حرف جرٍّ فأيُّها أُريدَ في هذه العبارة (^٢)؟
فإنْ زعمتَ أنَّها بمعنى (أصاب) فاجْعلْها مكانها لتعرف بيانها، والظاهر أنَّ (ما) استفهامية، و(عدا) بمعنى (صرف) وهي تتعدى إلى واحدٍ بنفسها، وثانٍ بـ (عن) وكلاهما محذوف للعلم به، والمعنى: ما صرفك عن طاعتي؟ و(مِنْ) تبعيضيّة و(ما) موصولة، و(بدا) بمعنى (نشأ) مِن الرأي، أو بمعنى (ظهر) فحينئذٍ يكون المعنى: ما صرفك عن طاعتي ممَّا نشأ لك من الرأي،