Al-naqd al-adabī wa-madārisuhu al-ḥadītha
النقد الأدبي ومدارسه الحديثة
Publisher
دار الثقافة-بيروت
Edition Number
الأولى
Publisher Location
لبنان
Genres
وأن يطيح معه بالصبابة الباقية من ضميره الأدبي، مشيعًا هاتين الضحيتين بشعائر ولادة جديدة معقدة. وقد تفنن بروكس في استغلال كل ضروب السخرية من شخص أولستون وتوصل إلى نتائج دهياء دقيقة مثل: " لو أن أولستون قرأ " كتابًا قرأه بروكس، لكان له نحوه شعور مغاير؟ أو: إن إحدى تعليقات أولستون " لتبدو لي مجاوزة حد الاحتمال وذلك أقل ما يقال في وصفها " ٠ أو وأفق أولستون على رأي لبروكس وكانت موافقته؟ وهو العارف المطلع؟ توثيقًا يقوي رأي بروكس نفسه، وهكذا. (يبدو أن اسم اوليفر اولستون يرجح كفة الصفات الجاسية الغليظة في بروكس، فلو جزأناه هكذا: أو؟ ليفر؟ أول؟ ستون؟ لكان معناه: " يا كبدًا من حجر كلها ") .
إن كتاب " آراء أوليفر أولستون " قد تبرأ من عهدة الكتب الأولى لما فيها من " جهل " و" وقاحة "، ولكنه ذهب يحقق جهلًا ووقاحة، عجزت الكتب الأولى عن مشارفة حدودها. أما القواعد الجديدة التي طبقها بوضوح فهي " الكتاف " الضيق الذي شده تولستوي حول الأدب في كتابه " ما الفن؟ "؟ " إن أدبنا مريض حائد عن مركزه ويعكس دوافع الموت ولابد من " زجره " (كلمة " زجره " تعد مفتاحًا في نقده) (١) . ولم يعد الأدباء يمثلون صوت الشعب " والأدب الحق هو الذي ينقل مشاعر سليمة صحيحة "؛ لقد آن الأوان لكي نعيد الكلاسيكيات الأميركية؛ كان هنري جيمس " بليدًا "، كان " ابنًا آثمًا عاقًا بأمه "، أما رامبو فكان " شقيًا صغيرًا مريضًا فريسة للعواطف المتصارعة "، وكان جويس " يسوعيًا إرلنديًا مريضًا " ومؤلفاته " تافهة " " داعرة " " منكرة الريح " " رماد سيجار احترق "، وكان لافورج " غلامًا جامحًا عنيدًا "، وكان بروست " طفلًا أفسده التدليل " وهكذا. ويسأل بروكس: " ما الذي جعل بروست حجة
(١) بعد ما يقرب من أربعين عامًا أنتقم ايرفنج بابت من بروكس الذي كان في فصله الأول بهارفارد.
1 / 198