178

Al-naqd al-adabī wa-madārisuhu al-ḥadītha

النقد الأدبي ومدارسه الحديثة

Publisher

دار الثقافة-بيروت

Edition Number

الأولى

Publisher Location

لبنان

Genres

محاضرة حديثة ألقاها في نيويورك عن ملتن راجع فيها تقديره القديم لهذا الشاعر) . بل إن أنموذج نتاجه الحديث؟ فيما يبدو؟ يتمثل في الموروث الذي قهر الاهتمام الأدبي، مع أنه انبثق منه، مثلما أن الرجعية السياسية (في حالات كحال موراس) تقهر أحيانًا النظرة الدينية التي كان يراد لها أن تسندها.
ولا ريب في أن فهمنا اليوت الإنسان هو الذي يفتح الطريق إلى شعره ونقده، وإن أنكر ذلك بشدة، مثلما اتضح لنا؟ على وجه الجملة ٠ أن " الاتباعية " عنده تستمد وجودها من حاجة ذاتية. وهناك نقاش أدبي آخر لا يقل مرارة وقلة جدوى عن النقاش الذي دار حول الصلة بين شعره ونقده وذلك هو: إلى أي حد يمكن أن نرى في شعر اليوت خيوط سيرة ذاتية؟ وقد صفع ماثيسون، محقًا، نقادًا مثل غرانفيل هكس وس. داي لويس ذهبوا إلى أن اليوت كتب سيرته الاجتماعية في قصيدته " جرونشن " و" بروفروك "؟ بهذا الترتيب؟ ومن الواضح أن اليوت مثل نسر معمر في أوائل عقده الخامس ليبدو مضحكًا بعض الشيء (١) . ومع ذلك فمن المحال أن نعد بعض تعابيره حين نطلع عليها وبخاصة في " المقامات الرباعية " إلا تقريرات ذاتية مباشرة من الشاعر، كتبت في نغمة تشبه نثر لغة التخاطب. فهو يقول في East Coker:
كانت تلك طريقة من التعبير عنها؟ طريقة غير كثيرًا، دراسة متكلفة معقدة على نحو شعري قد أخنى عليه الدهر تترك المرء في صراع لا قبل له به، مع الألفاظ والمعاني،

(١) أي فيه شيء من صفات بروفروك المتردد المنخوب القلب في مجتمع متحضر " وفي وسط رأسه بقعة صلعاء "، والنساء ينظرن إليه ويقلن " يا لشعره كيف يبدو رقيقًا سخيفًا " وياقته قد صعدت نحو ذقنه، ودبوس رخيص يمسك ربطة عنقه، والنساء يقلن " يا لله ما أتحف ذراعيه وساقيه ".

1 / 182