Linguistic Fallacies
مغالطات لغوية
Publisher
مؤسسة هنداوي
Publisher Location
٢٠١٨ م
Genres
الفعل «باشر» في اللغة يعني «لامَسَ البَشرَة»، ويفيد الاتصال بلا واسطة، باشر زوجه: غشيها، يقول تعالى: ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾، وباشر الأمر: تولاه بنفسه، وباشر الفعل: فعله من غير وساطة، وباشره النعيم: بدا عليه أثره، وباشر الشيء مباشرة: جعله ملاصقًا له، وفي الحديث: «اللهم إني أسألك إيمانًا تباشر به قلبي.» (^١) وفي المعجم الأساسي أن «مباشر» صفة للدلالة على ما ينجز حالًا أو بدون واسطة، وحين يقول المذيع «البث المباشر» (اسم مفعول) فقوله صحيح بمعنى البث المباشر من قبل المذيع الذي يكون هو (أي المذيع) مباشِرًا له.
ولكن هل هذا، بعَيْشِ أبيك، هو المعنى الذي يقصده المذيع؟ الأغلب أن البث هو الذي «يباشِر» هنا، أي يباشر المشاهدين أو المستمعين، ويتصل بهم حالًا بدون واسطة، وأن المذيع لا يقصد غير هذا: البث مباشِر للجمهور فكأنه يلامس بشرتهم لأنه يتم بدون واسطة، ويتم حالًا؛ وعليه فإن «مباشِر» بكسر الشين أصح وأسلم في عامة الأحوال من «مباشَر».
مُفاد/ مَفاد
يقولون: لا تقل «مَفاد الأمر» وقل «مُفاده»، ولا تقل «بَرقية مَفادُها كذا»، وقل «مُفادها»؛ وذلك لأنك تقول أفادت البرقية كذا، أي جاءت بفائدة خبرية هي كذا، والمصدر الميمي من الرباعي «أفاد» هو «مُفاد» بضم الميم، وعلى وزن اسم المفعول، والمفاد هو المحتوى والمضمون والفحوى والفائدة الخبرية، مثل: المصاب، المُخرَج، المُدخَل، المُراد، المُراغَم … إلخ. «أما «المَفاد» فهو مصدر ميمي لفعل من الأضداد، من معانيه حصول الفائدة والحياد، والموت والتبختر، وفي استعماله التباس كثير، فضلًا عن بعده عن المراد.» (^٢)
وليس يخفى أن «مَفاد» بفتح الميم أخف نطقًا وأعم استخدامًا، ولكن هل هي حقًّا خطأ صرفي ومعجمي وفي استعمالها التباس كثير؟
ولنبدأ بالالتباس: لا يقاس الالتباس بكم المشترك، بل بإمكان التشابه في السياقات المختلفة، ولا نظن أن حصول الفائدة يشتبه مع الحياد أو الموت أو التبختر! وما دمتَ آمنًا من الاشتباه فقل وثِقْ بفهم المخاطب.
(^١) قارن: «ليس من قبيل الصدفة/ ليس من قبيل المصادفة.» (^٢) معجم الصواب اللغوي، ج ١، ص ٤٨٦.
1 / 168