ذلك إلى نفسه ﷿ ﴿لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين﴾ وقال ﴿ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين﴾، ولم يقل (وعلى علي) وحده، ولا على الثلاثة أو التسعة الذين زعم الشيعة أنه لم يثبت معه ﷺ غيرهم.
وقد مر أنه ثبت معه ثمانون رجلًا (١) عرفوا بأسمائهم، وهو لا ينفى ثبات غيرهم أيضًا؛ لأن العدد لا مفهوم له.
وقال ﴿وأنزل جنودًا لم تروها وعذب الذين كفروا﴾ ولم يقل إن عليًا هو الذي عذبهم وهو الذي هزمهم، ولم يقل ذلك أحد من المحدثين ورواة السيرة النبوية.
فإن زعم أنهم كتموها لأنهم كانوا يكتمون فضائل على وحده!
(قلنا): إنهم لم يرووا من مناقب أحد من الصحابة بقدر ما رووا من مناقبه ﵁ وعنهم (٢)
، ومما رواه ثباته مع النبي ﷺ وتخصيص الشيخين عباسًا وأبا سفيان بن الحارث بالذكر لأنه ثبت عندهما بشروطهما المعروفة، كما أنهما لم يذكر أبا بكر وعمر أيضًا، وهو قد نقل عن البخاري رواية معلقة زعم أنها تدل على أن عمر ﵁ كان من المدبرين. ولم يرو البخاري في
(١) وورد في بعض الروايات أنهم كانوا مائة، وقد قال الحافظ ابن حجر: «وهذا أكثر ما وقفت عليه من عدد من ثبت يوم حنين» . اهـ، وانظر: فتح الباري (٨ / ٢٩ - ٣٠) .
(٢) يقول الحافظ الذهبي في تلخيص الموضوعات: «لم يرو لأحد من الصحابة في الفضائل أكثر مما روي لعلي ﵁، وهي على ثلاثة أقسام: صحاح وحسان، وقسم ضعاف، وفيها كثرة، وقسم موضوعات وهي كثيرة إلى الغاية ولعل بعضها ضلال وزندقة» . انظر هامش كتاب الصواعق المحرقة ص (١٨٦) .
ويقول الحافظ ابن حجر: «قال أحمد وإسماعيل القاضي والنسائي وأبو علي النيسابوري: لم يرد في حق أحد من الصحابة بالأسانيد الجياد أكثر مما جاء في علي، وكأن السبب في ذلك أنه تأخر، ووقع الاختلاف في زمانه وخروج من خرج عليه، فكان ذلك سببًا لانتشار مناقبه من كثرة من كان بينها من الصحابة ردًا على من خالفه» . انظر: فتح الباري ٧ / ٨٩.