Lessons from the Prophet's Mosque by Al-Uthaymeen
دروس الحرم المدني للعثيمين
Genres
حكم من يدعو القبور ويستغيث بالأموات ويذبح لهم قبل وبعد قيام الحجة عليه
السؤال
ما حكم الذين يدعون أمام القبور ويستغيثون بالأموات ويذبحون لهم، هل مثل هؤلاء قد قامت عليهم الحجة أم هم كفار؟
الجواب
أما الذين يدعون الله عند القبور، ولا يدعون صاحب القبر فهؤلاء ليسوا مشركين؛ لأنهم يدعون الله، لكنهم مبتدعون، حيث ظنوا أن الدعاء عند القبور له مزية، لكن لا يكفرون.
وأما الذين يستغيثون بالأموات فيقولون: يا ولي الله! أو ما أشبه ذلك: أغثني، أو ارزقني، أو أعطني فهؤلاء المشركون، وهم مشركون شركًا أكبر ينطبق عليهم قول الله ﷿: ﴿إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ﴾ [المائدة:٧٢] وإننا ننعى إلى هؤلاء عقولهم كيف يدعون ميتًا هامدًا لا يستطيع أن ينجي نفسه فيسألونه الغوث؟! ولهذا لا يجوز الاستغاثة بالأموات مطلقًا بل هي شرك أكبر، ولا يجوز الاستغاثة بالأحياء فيما لا يقدرون عليه، وأما الاستغاثة بالأحياء الحاضرين فيما يقدرون عليه فلا بأس به، وقد قال الله عن موسى: ﴿فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ﴾ [القصص:١٥]، كذلك الذين يذبحون للأموات تعظيمًا وتقربًا إليهم هم مشركون أيضًا، شركًا أكبر مخرجًا عن الملة، لقول الله ﵎: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ﴾ [الأنعام:١٦٢-١٦٣] فإذا كان محياك ومماتك لله لا أحد يحييك ولا أحد يميتك إلا الله ﷿ فكذلك عبادتك؛ الصلاة والنسك لله ﷿، فكما أن هؤلاء المقبورين لا يحيونك ولا يميتونك فكذلك لا يجوز أن تجعل لهم من صلاتك شيئًا أو من نسكك شيئًا، يعني: لا يجوز أن تصلي لصاحب القبر ولا أن تذبح له، فإن فعلت فإنك مشرك شركًا أكبر مخرجًا عن الملة.
ومن ثم نهى النبي ﷺ عن الصلاة إلى القبر فقال فيما رواه مسلم عن أبي مرفد الغنوي: (لا تصلوا إلى القبور -يعني: لا تجعلوها بينكم وبين القبلة- ولا تجلسوا عليها) .
والمراد هنا بالصلاة ليست الصلاة للقبور لكن الصلاة إلى القبور، وهي لمن؟ لله، لكن جعل القبر بينه وبين القبلة، أما الصلاة للقبور فهذه شرك.
وأما قول السائل: هل هؤلاء يكفرون وقد قامت عليهم الحجة أو لا؟ فهذه مسألة نسبية؛ من الناس من تكون قد قامت عليه الحجة، ومن الناس من لا تكون قامت عليه الحجة، لكن من قامت عليه الحجة حكمنا بشركه وكفره بعينه، ومن لم تقم عليه الحجة حكمنا بأن هذا الفعل شرك وكفر، ولكن لا ينطبق على كل إنسان؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ [النساء:١٦٥] فلابد من بلوغ الرسالة على وجه المفهوم، وحينئذٍ تقوم الحجة، وإذا أشرك الإنسان بعد قيام الحجة عليه بأن هذا شرك حكمنا بشركه وكفره، ولهذا يتوهم بعض العامة أو بعض طلبة العلم أيضًا أننا لا نحكم على شخصٍ بعينه بكفرٍ أو شرك بل نقول: فعله شرك وفعله كفر، وهذا غلطٌ عظيم؛ لأنه يلزم من هذا أن جميع المشركين الذين قاتلهم الرسول لا نحكم بشركهم بأعيانهم، بل نقول: من انطبق عليه الوصف الذي جعله الشارع شركًا أو كفرًا فإنه نحكم بكفره بعينه.
2 / 14