Lessons from the Migration - Attia Salem
دروس الهجرة - عطية سالم
Genres
تسجيل وقائع نصرة الله لنبيه في القرآن
يأتي القرآن الكريم يسجل هذا الموقف، ويلزمنا الوقوف مع من بداخل الغار وقفة طويلة.
أولًا: النص الكريم ﴿إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ﴾ [التوبة:٤٠] حقيقة النصر مذكورة في قول الله: ﴿وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ [آل عمران:١٢٦].
ثم يبين سبحانه وسائل النصر ووقائعه الفعلية، فيقول: ﴿إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ﴾ [التوبة:٤٠] أول وقفة مع هذا النص النظر إلى المقابلة، فإنه ذكر الكفار، وذكر اللذين أُخرجا، فالكفار جماعة أقوياء أشداء، وهما اثنان: ﴿إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ﴾ [التوبة:٤٠]، ليسا في برحة في الأرض بل هما في غار مصمت ﴿إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ﴾ [التوبة:٤٠] والصحبة فضيلة ومنقبة لـ أبي بكر ﴿لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ [التوبة:٤٠].
جاء رجل إلى أحد أولاد الحسين بن علي ﵁ وتكلم على الأحداث الماضية المؤلمة التي وقعت بين الصحابة فسب من خالف عليًا فقال له رضي الله تعالى عنه: يا هذا هل أنت من أهل هذه الآية: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ﴾ [الحشر:٨] هل أنت من هؤلاء المهاجرين؟ قال: لا.
قال: هل أنت من أهل هذه الآية ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ [الحشر:٩] قال: لا.
لست من المهاجرين ولا من الأنصار، قال: وأنا أشهد أنك لست ممن قال الله فيهم: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ [الحشر:١٠] فقم عني.
وجاء رجل من الشيعة إلى ابن عمر ونال من أبي بكر في حرمانه لـ فاطمة من ميراث أبيها، فقال له: رويدك! أتتهم أبا بكر!! فأخبرني في قوله سبحانه: ﴿إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ﴾ [التوبة:٤٠] من الثاني معه؟ قال: أبو بكر ﴿إِذْ هُمَا﴾ [التوبة:٤٠] ما المقصود بـ (هما)؟ قال: الرسول وأبو بكر ﴿إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ﴾ [التوبة:٤٠] من صاحبه؟ قال: أبو بكر ﴿لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ [التوبة:٤٠] مع من؟ قال: مع الرسول وأبي بكر، قال: ائتني بواحد من أصحاب رسول الله ﷺ له اثنتان من هذه الأربع، فأدبر عنه ومضى.
ولما ذكرت المقارنة بين أبي بكر وبين عمر وبين علي وعثمان قال عمر: والله! لليلة من أبي بكر مع رسول الله ﷺ في الغار خير من آل الخطاب جميعًا.
﴿إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا﴾ [التوبة:٤٠]، إذًا: فليس فقط العنكبوت وبيض الحمام، بل هناك جنود أيضًا لم نرها، ﴿وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا﴾ [التوبة:٤٠].
6 / 3