157

Lessons by Sheikh Safar al-Hawali

دروس للشيخ سفر الحوالي

Genres

لوازم المحبة محبة والرسول ﷺ، تبع لمحبة الله ﷾، ومحبة الله من لوازم الإيمان ولا يُحب الله ولا يدعي محبته أحد لا يتابع رسول الله ﷺ، ولهذا قالت اليهود والنصارى كما حكى الله عنهم: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ﴾ [المائدة:١٨]، فالدعوى المجردة كلٌ يدعيها، حيث يدعي اليهود أنهم أحباب الله، ويدعي النصارى أنهم أحباب الله، ويدعي أصحاب الضلال أو أصحاب البدع أنهم أحباب الله وأحباب رسوله ﷺ، ولكن ما الذي يميز ذلك ويصدقه أو يكذبه؟ أقول: هنا آية عظيمة قال عنها السلف: إنها آية الامتحان، التي يقضي الله بها على الدعاوى ويبين الحقيقة من الزيف: يقول الله ﵎ ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [آل عمران:٣١] فسماها السلف آية الامتحان: ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ﴾ [العنكبوت:٢] فهل الأمر متروك لكل من ادعى دعوى محبة الله ورسوله ﷺ وعباده الصالحين، وهل هذه دعاوى تقال أم أنها حقائق تصدقها الأقوال والأعمال- أعمال القلوب وأعمال الجوارح-؟ لا، فالأمر أعظم من ذلك: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [آل عمران:٣١] وهذه الآية من تدبرها وجد فيها دلالة عظيمة على ما بلغه القرآن مما لا يبلغه كلام أي أحد، لأنه كلام الله ﷿، الذي قال فيه: ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ [الإسراء:٨٨] فيها بيان وبلاغة عظيمة؛ لأن هذه الآية تضمنت شرطين في آية واحدة، شرطين اتصل بعضهما ببعض، الشرط الأول وهو: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ﴾ [آل عمران:٣١] فـ (إن) أداة الشرط، و(تحبون الله) الشرط، وجوابه ﴿فَاتَّبِعُونِي﴾ [آل عمران:٣١]، ثم جعل جواب الشرط شرطًا وجعل له جوابًا آخر قال: ﴿فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ [آل عمران:٣١]. ولهذا إذا أردتم أن تعرفوا فقه السلف الصالح وفهمهم لكتاب الله، وكيف أحبوا الله ورسوله حق المحبة، وذلك عندما فهموا كلام الله وفهموا حقيقة الإيمان، فانظروا إلى قول القائل منهم: "ليس الشأن أن تُحِب ولكن الشأن أن تُحَب ' كيف هذا؟ اليهود قالوا: نحن نحب عزيرًا، ونحب موسى، ونحب الله، والنصارى ألّهوا المسيح ﵇ من دون الله، وقالوا هو ابن الله، فهم يحبونه ويدعون ذلك ويزعمونه، ويرون أنه من محبتهم لعيسى أن يقولوا: إنه ابن الله، وأنه إله، فليس الشأن بأن تُحبوا، لكن الشأن بأن تُحَبُّوا أنتم، أي: أن يحبكم الله ﷿، ويحمد لكم هذه الأعمال التي تزعمونها والمحبة التي تدعونها، والله يقول: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ﴾ [آل عمران:٣١] فيا من تدعون محبة الله، وما من مؤمن ولا مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله إلا وهو يقول أنا أحب الله، ولو كان في قلبه مثقال ذرة مما يضاد ذلك لما كان مؤمنًا، فيقولون: نحن نحب الله، إذًا: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي﴾ [آل عمران:٣١] فإذا اتبعناه ماذا يحصل، ﴿فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ [آل عمران:٣١] فهذا هو الأساس والغرض وهو أن يحبنا الله ﷿، فلا يحبنا الله إلا إذا كنا متبعين لرسول الله ﷺ ظاهرًا وباطنًا. أما ادعاؤنا بأننا نحب الله، أو نحب رسول الله ﷺ فلا يلزم منه ذلك، فقد ندعي ذلك ونكون غير محبوبين عند الله ﷾، ولكن إذا أحبنا الله فلن يحب الله ﷿ إلا من كان حقيقة محبًا لله ومحبًا لرسول الله ﷺ، ولا يكون ذلك إلا لمن كان متبعًا لرسوله ﷺ، وكان يطابق قوله فعله، ولا يأتمر إلا بأمره ﷺ، كما كان يفعل الصحابة الكرام.

6 / 3