Lessons by Sheikh Ibrahim Al-Dweesh
دروس للشيخ إبراهيم الدويش
Genres
التعاون على العبادة
من الفن أيضًا، بل ومن أعظم وسائل السعادة للبيت المسلم، تعاون الزوجين على العبادات والنوافل والأذكار؛ ففي ذلك مرضاة لله، وإحياء للبيت، وطرد لروتين الحياة الممل.
فما أحلى أن ترى زوجين صالحين يتعاونا على طاعة الله! (فالدنيا متاع وخير متاعها الزوجة الصالحة) .
ومثال ذلك: ما رواه ابن عباس ﵄ عن أم المؤمنين جويرية بنت الحارث ﵂: (أن النبي ﷺ خرج من عندها بكرةً حين صلى الصبح وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة، فقال: ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟ قالت: نعم.
قال النبي: لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن، سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضاء نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته) .
أخرجه مسلم في صحيحه، وأحمد في مسنده.
والشاهد: انظر إلى حرص النبي ﷺ على إرشاد وتعليم زوجه، وأسألكم بالله -أيها الأحبة- من منا وقف مع زوجه ساعات أو لحظات يعلمها ويذكرها ببعض الأذكار أو النوافل أو العبادات؟!! وأيضًا أخرج البخاري في كتاب الوتر في صحيحه باب: إيقاظ النبي ﷺ أهله بالوتر، عن عائشة قالت: (كان النبي ﷺ يصلي وأنا راقدة معترضة على فراشه، فإذا أراد أن يوتر أيقظني فأوترت) .
وعن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (رحم الله رجلًا قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته، فإن أبت نضح في وجهها الماء، رحم الله امرأةً قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها؛ فإن أبى نضحت في وجهه الماء) أخرجه أبو داود، وقال الألباني عنه: حسن صحيح.
انظر! فالقضية مبادلة، إن قصرت الزوجة فإذا بالزوج يذكر ويعين، وإذا قصر الزوج فإذا بالزوجة تذكر وتعين، وكل منهما مطالب بتذكير الآخر، فنحن مطالبون بالتعاون مع الزوجات في العبادات والنوافل.
وعن أبي سعيد الخدري، وأبي هريرة ﵄ قالا: قال الرسول ﷺ: (من استيقظ من الليل وأيقظ امرأته فصليا ركعتين جميعًا؛ كتبا من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات) .
أخرجه أبو داود في سننه، وقال الألباني: صحيح.
صلاة النافلة في البيت نغفل عنها كثيرًا، فبعض الرجال يحرص كثيرًا أن يصلي النافلة في المسجد، مع أن السنة أن تصلي النافلة والسنن الرواتب في البيت، ولذلك قال ﷺ: (فإن أفضل صلاة الرجل في بيته إلا المكتوبة) لماذا؟! ليذكر الأهل ويشجعهم، بل ويربي أولاده وصغاره على هذه الأفعال.
وما أجمل البيت يوم أن تغيب شمس ذلك اليوم وقد استعد الزوجان لجلسة الإفطار معًا! ما أحلى هذه الجلسة! وما أسعد هذين الزوجين بالتعاون على مثل هذه العبادات! وقل مثل ذلك في قراءة القرآن، وحضور درس أسبوعي أو محاضرة على الأقل، والقيام على الفقراء والمساكين في الحي، وغيرها من الأعمال الصالحة والخيرة التي لو تعاون الزوجان على مثل هذه الأمور؛ لكان ذلك عماد السعادة الزوجية وحلاوتها وروحها، ومن جرب هذا وجد طعم هذه الحياة.
﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النحل:٩٧] .
5 / 20