Durūs lil-Shaykh Abī Isḥāq al-Ḥuwaynī
دروس للشيخ أبي إسحاق الحويني
Genres
المحبة في القرآن الكريم
الحمد لله رب العالمين، له الحمد الحسن والثناء الجميل.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له: ﴿يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:٤]، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
قد أكثر الله ﷿ في كتابه من ذكر المحبة: فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ﴾ [التوبة:٤].
﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [البقرة:١٩٥].
﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [المائدة:٤٢].
﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا﴾ [الصف:٤].
وفي المقابل نفى الحب: فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [البقرة:١٩٠].
﴿وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾ [آل عمران:١٤٠].
﴿فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾ [آل عمران:٣٢].
﴿وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ [المائدة:٦٤]، ولا المشركين.
﴿لا يُحِبُّ الْفَسَادَ﴾ [البقرة:٢٠٥].
فلما وقفت على الصيغة: (لا يحب)، ففتشت في القرآن عن لفظة (يكره) مسندة إلى الله.
ما وجدتُ إلا مكانًا واحدًا ﴿كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا﴾ [الإسراء:٣٨]، وتعلق هذا الكره بالفعل.
فلماذا (لا يحب) بدل (يكره)؟ قضيت ليلتي متفكرًا، ما اكتحلتُ بنوم حتى أذن الفجر، وظللت بعد الفجر ساعتين لا أنام، أريد أن أصل إلى هذا المعنى، وفتشتُ في كتب أهل العلم في المظان، فما وجدت، فانقدح في ذهني معنى إن كان صوابًا فمن الله ﷿ وإن كان غير ذلك فمني ومن الشيطان، والله ورسوله بريئان منه، وأستغفر الله مما يسبق إلى الخاطر، ووالله! لقد كان أحب إلي أن أقرأه لعالِم فأنسبه إليه ليزداد شرفًا.
(لا يحب) أفضل مِن (يكره) مِن وجه واضح: أن ذكر الحب حتى في طريق نفيه يهيج على الحب، يبعث عليه ويذكر به، والله ﷿ لا يرضى لعباده الكفر، ﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ﴾ [النساء:١٤٧].
قال ﷺ: (إن الله ﷿ كتب في كتابه الذي هو عنده أن رحمته تغلب غضبه).
إذًا: هو يذكرهم بنعمه، فلما يذكر (لا يحب) فهذا يهيج على الحب بخلاف ما إذا قيل: يكره التي ليس فيها تهييج ولا تذكير بالحب؛ لذلك كان عدم الحب أفضل في الذكرى والتذكير لصالح العبد من الكره، مع أن الذي لا يحبه الله ﷿ يكرهه، لذلك قال (لا يحب).
10 / 7