Durūs lil-Shaykh ʿAbd al-Raḥmān al-Sudays
دروس للشيخ عبد الرحمن السديس
Genres
الهجرة تعلمنا الاعتماد على الله
إخوة العقيدة والإيمان: وإن أول هذه الوقفات الجديرة بالتنويه والعناية، والاهتمام والرعاية، مع حدث لا كالأحداث، حدث غير مجرى التاريخ، حدث يحمل في طياته معاني الشجاعة والتضحية والصبر والفداء، والعزة والقوة والإخاء، والتوكل على الله وحده مهما بلغ كيد الأعداء، ذلكم هو حدث الهجرة النبوية على صاحبها أفضل صلاة وأزكى تحية، ذلكم الحدث الذي جعله الله ﷾ طريقًا للنصر والعزة والكرامة، ورفعًا لراية الإسلام، وتشييدًا لدولته، وإقامة صرح حضارته على العقيدة الخالصة والوحدة الصادقة: ﴿إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ [التوبة:٤٠].
أيها المسلمون: إنه لما اشتد أذى الكفار برسول الله ﷺ بـ مكة، أذن الله له بالهجرة إلى المدينة النبوية المنورة، فخرج ﵊ من بيته يتحدى أعداءه، ويفوت الفرصة عليهم في تدبيرهم ومكرهم: ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ [الأنفال:٣٠].
فخرج رسول الله ﷺ وبرفقته صاحبه الصديق ﵁، الذي ضرب مثلًا رائعًا في نصرته وفدائه لرسول الهدى ﷺ بأبي هو وأمي، وشفقته على حياته، ففي الغار يقول أبو بكر الصديق ﵁: [[يا رسول الله! لو نظر أحدهم إلى موضع قدميه لأبصرنا]] فيجيبه المصطفى ﷺ بجواب الواثق بنصر الله، المطمئن لوعد الله: ﴿يا أبا بكر! ما ظنك باثنين الله ثالثهما﴾ الله أكبر! ياله من درس عظيم في نصرة الله جل وعلا لأوليائه، وعدم تخليه عنهم لا سيما في الشدائد!
38 / 3