Layla Thaniya Cashara
الليلة الثانية عشرة: أو ما شئت!
Genres
أما سقوط عاقل في هوة السفه .. فذا بعينه الغباء. (3 / 1 / 61 / 68)
أفلا نشعر بأن فيولا تتحدث عما تفعل هي الأخرى؟ ولنا في ضوء هذا «التمثيل» المحكم الذي تقوم به حتى آخر المسرحية أن نقول إن البيت الأخير من هذه الأبيات ينطبق على مالفوليو؛ فهو حقا عاقل سقط في هوة السفه، فاستحق أن يوصف بالغباء! (وفيولا تشير إليه قائلة إنه عاقل رزين 3 / 4 / 5-6)، ودوره إذن يتضاد إن لم يكن يتناقض مع دور المهرج، وأما الفرق بينهما من ناحية، وبين فيولا من ناحية أخرى، فهو أنهما لا يتغيران ولا يتبدلان؛ فالفاشل فسته يواصل حياته مهرجا حتى بعد لحظة تكشف الحقيقة (
anagnorisis )، ومالفيولو المتغطرس يخرج من المسرح وهو يرعد مهددا بالانتقام ممن دبروا المكيدة، ولكن فيولا تنجح في تحقيق مرادها والزواج ممن تحبه؛ أي إن خداعها ينجح فيربط بين عالم الرومانس وعالم الواقع! (6) الأساطير ومسخ الكائنات
أثبت الباحث جوناثان بيت في الفصل الأول من كتابه عن شيكسبير وأوفيد (
Jonathan Bate, Shakespeare and Ovid, 1993 ) مدى شيوع أعمال ذلك الشاعر الروماني في ثقافة العصر الإليزابيثي، وخصوصا كتابه «مسخ الكائنات»
Metamorphoses
الذي يتضمن حكايات مسخ الأرباب الوثنية اليونانية وأبناء البشر؛ أي تحولهم من صورهم إلى صور الحيوان أو الجماد أو النبات أو الأجرام السماوية. وكانت الترجمة التي أصدرها آرثر جولدنج (
Golding ) لكتاب أوفيد المذكور عام 1565م تحظى بشعبية هائلة، ولا شك أن شيكسبير كان يعرف ذلك الشاعر سواء كان قد قرأ ذلك الكتاب باللغة اللاتينية الأصلية أم مترجما؛ ففي «حلم ليلة صيف» نرى بوتوم ممسوخا في صورة حمار من خلال جهود العفريت بك (
) (أو روبين جود فيلو)، والقصيدة القصصية «فينوس وأدونيس» تثبت مدى إدراك شيكسبير للإمكانات الفكاهية الكامنة في فكرة المسخ حتى في مطلع حياته العملية. ولكن شيكسبير هنا يستخدم الثيمات الأوفيدية بحذق أكبر وصور غير مباشرة في حالات كثيرة؛ إذ إن فيولا تذكرنا بتلك الفكرة عندما تشير إلى نفسها في الفصل الثاني قائلة: «وأنا المسخ المسكينة .. أعشقه كل العشق» (2 / 2 / 33) ما دامت قد تنكرت فتحولت من جنس إلى جنس، ومالفوليو «يمسخ» نفسه حين يتحول من وقار القهرمان (مدبر المنزل) إلى عاشق طبقة الأسياد، فيبدو مسخا شائها في جوربه الأصفر ورباط ساقه الصليبي وبسماته الدائمة، فيبدو مجنونا؛ أي «يركبه» جني أو يسكنه عفريت، وهو ما يحدث لشخصيات كثيرة في أوفيد، حسبما يقول الباحث المذكور، عندما لا يحالفهم التوفيق في اختيار الحبيب المناسب.
ومنذ المشهد الأول للمسرحية نلمح ما يدل على هذا الولع بفكرة المسخ أو التحول عندما يقول أورسينو:
Unknown page