تماما .. وهذا منقوش على سيفه .. تقع العين عليه فترهبه وتلوذ الأقدام بالفرار.
العجوز :
يفر الناس لمرآه؟
الرعوي :
أنت لم تر شيئا .. دعني أحكي لك بلساني الذي سيأكله الدود عما رأته عيني التي سيملؤها التراب.
العجوز :
احك يا شيخ .. احك.
الرعوي :
من أيام رأيته يمشي في سوق القرية .. الحقيقة أنني لم أره هو نفسه .. فقد حجبه عني سور من الأطفال والنسوة والعجائز الذين يمشون وراءه .. سألت: من هذا؟ تعجب الناس وقالوا: من؟ إنه حسن سيف .. قتل الألف وأسر الألف .. قلت: هل شاهده أحد منكم؟ قالوا: يا رجل! الناس كلها تعرف حكايته .. والعدل والقاضي والأعيان يتسابقون لدعوته .. ولكنه يرفض صائحا: يكفيني المجد، يكفيني حب الناس .. وعندما تزاحمت لأشق الصفوف لرؤيته .. بارك الله .. بارك الله .. سيف بن ذي يزن بلحمه ودمه .. أي شجاعة! أي كرامة! أي تواضع لله .. واتجه الموكب إلى الجامع فدخلت ودخل الناس .. رأوا سيفه الطويل وهو يسحبه على الأرض كالصياد الذي يجر وراءه التمساح أو الحوت .. هلل الناس وكبروا .. أقبل عليه إمام الجامع وأخذه من يده وقال: لا يصح يا سيف .. أؤم الصلاة وأنت هنا؟ تلفت سيف حوله وقال: ليس قبل أن يخرج .. سألوا: من؟ قال: إبليس، إنه يحوم هنا .. قالوا: إبليس في الجامع؟ لا .. لا .. زمجر وقال: اخرج يا إبليس! لن تكون في مكان واحد مع حسن سيف! ذعر الناس وأخذوا ينظرون إلى السقف والجدران والنوافذ .. زمجر حسن وكشر عن أسنانه، واندفع إلى المنبر وصاح: لن تكون الإمام وحسن سيف على قيد الحياة! ثم رفع السيف وهوى به على خشب المنبر فانفلق نصفين .. كبر الناس وهللوا .. سمعوا العاصفة تدوي والغبار يثور والشيطان يدمدم ويفر مهزوما .. مسح حسن رأسه وتمتم كالسحرة ثم قال: الحمد لله! نصرني على عدو الله .. كبر الناس، الحمد لله الذي رزقنا حسن سيف .. نحن وراءك يا سيف .. قال: الآن أؤمكم في الصلاة، وغدا أخلصكم من الطاهش والظلمة والبغاة .. اصطفوا وراءه وكبروا وسبحوا: الحمد لله! الحمد لله!
العجوز :
Unknown page