وكنتَ متى أرسلتَ طرفكَ رائدًا ... لقلبكَ يومًا أتبعكَ النَّواظرُ
رأيتَ الذي لا كلُّه أنتَ قادرٌ ... عليه ولا عَنْ بعضه أنْتَ صابرُ
فصرح بأن من أرسل رائد طرفه، رجع بوبال مرسله وحتفه؛ لأنه يرى مالا قدرة له على كثيره، ولا صبر له عن يسيره.
فأي حال أصعب من هذه الأحوال! وأي سيئ أعظم من مقاساة هذه الأهواء والأهوال! وأي أمر أنكى من مكابدة هذا الخطب الجلي الجليل! وأي بطل يقوي على مقابلة هذا الهم العريض الطويل! وأي شجاع يثبت لنوافث سحر هاتيك! وأي همام يصبر على مناضلة نضال هاتيك الجفون! وأي عين لا تدمع عند معاينة هاتيك القدود العوامل! وأي كبد لا تتقطع عند مشاهدة هاتيك المعاطف والشمائل! وأي قلب لا يذوب عند استماع ذلك المنطق الشهي الرخيم! وأي صب لا يؤوب إلى محاسن تلك الأخلاق التي هي ألطف من مر النسيم! (وأي فؤاد لا يميل عند قوام ذلك الغصن القويم! وأي كبد لا يظمأ عند ريقه الذي هو أحلى من التنسيم! وأي لب لا يدهش لمعاناة هذا الخطر العظيم).
نَظَرتُكَ نظرةً بالخَيفِ كانتْ ... جلاء العين منِّي بل قذاها
فواها كيف تجمعنا اللَّيالي ... وواها مِنْ تفرُّقِنا وآها
على أن العين (هي) التي توقع القلب في التعب، وتوفر نصيبه من أسهم الهم والنصب، وترميه بدواعي الهوان الهوى، وتسلمه إلى
1 / 7