Lawaqih Anwar
الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار
Publisher
مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر
Publication Year
1315 هـ
كلها أن كل من وكل إلى نفسه شيئا من المشيئة فقد كفر، وكان يقول: إن الله عز وجل يقول: في بعض الكتب المنزلة: " يا بن آدم كم لي عليك نعم ما قمت لي بما يجب عليك أذكرك وتنساني وأدعوك فتفر مني خيري إليك نازل وشرك إلي صاعد " وكان يقول: قد أصبح علماؤنا يبذلون علمهم لأهل الدنيا لينالوها منهم فهانوا في أعينهم وزهدوا في علمهم، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وكان يقول: من كانت بطنه واديا من الأودية كيف يصلح له الزهد في الدنيا، وكان يقول: قال موسى عليه السلام لربه: يا رب احبس عني كلام الناس فقال الله عز وجل: " لو فعلت هذا بأحد لجعلت ذلك لي " وكان رضي الله عنه يقول: أوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام أن أسرع الناس مرورا على الصراط الذين يرضون بحكمي وألسنتهم رطبة من ذكري، وكان يقول: إن أعظم الذنوب بعد الشرك بالله السخرياء بالناس، وكان يقول إذا صام الإنسان زاغ بصره فإذا أفطر على حلاوة عاد بصره، وكان يقول : من تعبد ازداد قوة ومن كسل ازداد فترة، وكان رضى الله عنه يقول: قال عيسى للحواريين " بحق أقول لكم إن أكل خبز الشعير وشرب الماء القراح والنوم على مزابل الكلاب لكثير على من يموت "، وكان يقول الإيمان عريان ولباسه التقوى وزينته الحياء، وصلى رضي الله عنه الصبح بوضوء العشاء عشرين سنة.
توفي بصنعاء سنة أربع عشرة ومائة رضي الله عنه.
ومنهم ميمون بن مهران
رضي الله تعالى عنه ورحمه
كان يقول كراهة الرجل لأن يعصي الله عز وجل خير له من كثرة الطاعات مع الميل إلى المعاصي، وزار الحسن البصري فدق الباب فخرجت إليه جارية سداسية فقالت من تكون قال ميمون بن مهران فقالت كاتب عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه فقال: نعم فقالت له: فما بقاؤك يا شقي إلى هذا الزمان الخبيث، فبكى، وصار يفحص كالطير المذبوح فسمع الحسن بكاءه وصار يقول له لا بأس عليك يا أخي رضي الله عنهما، وقيل له إن هاهنا أقواما يقولون نجلس في بيوتنا فترد عليناء أبوابنا حتى تأتينا أرزاقنا فقال رضي الله عنه: هؤلاء قوم حمق إن كان لهم يقين مثل يقين إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام فليفعلوا، وكان رضي الله عنه يقول: أولو العزم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام. وكان يقول: يا أصحاب القرآن لا تتخذوا القرآن بضاعة تلتمسون الربح في الدنيا، اطلبوا الدنيا بالدنيا والآخرة بالآخرة، وكان يقول لأصحابه قولوا لي ما أكره في وجهي لأن الرجل لا ينصح أخاه حتى يقول له في وجهه ما يكره، وكان رضي الله عنه يقول: كان السلف رضي الله عنهم إذا رأوا رجلا ركبا وشخصا يجري خلفه، قالوا قاتلك الله من جبار، وكان يقول إذا ثبتت المودة بين الأخوين فلا بأس ببعد الزمان في زيارتهما، وصبت جاريته على رأسه مرقا فأحرقت رأسه فانذعرت فقال رضي الله عنه لا بأس عليك أنت حرة لوجه الله عز وجل. رضي الله تعالى عنه.
ومنهم أبو وائل شقيق بن سلمة
رضي الله تعالى عنه
كان رضي الله عنه يقول لأصحابه: إني لأستحي أن أطوف حول الكعبة بقدمي، وقد مشتا إلى ما لا يحل، فكيف أمشي بهما في جوف الكعبة، أو الحجر، وسمع رجلا يقول فلان متق فقال ويحك وهل رأيت متقيا قط إن علامة المتقي أن تذهب روحه إذا سمع بذكر النار.
وكان رضي الله عنه إذا صلى بالليل يسمع الجيران تسبيحه في صلاته، وكان إذا سمع ذكر الله تعالى انتفض انتفاض الطير المذبوح، وكان يقول: إني أستحي من الله تعالى أن أخاف شيئا دونه، وكان رضي الله عنه يقول: إن أهل بيت يضعون اليوم على مائدتهم رغيفا من حلال لغرباء في هذا الزمان رضي الله عنه، وكان رضي الله عنه يقول: ما دام قلب الرجل يذكر الله تعالى، فهو في الصلاة، وإن كان في السوق وإن تحركت به شفتاه فهو أعظم، وكان يقول: كم بينكم وبين القوم أقبلت عليهم الدنيا، فهربوا منها، وأدبرت عنكم، فاتبعموها، وكان يقول لا يكن أحدكم وليا لله تعالى في العلانية وعدوا له في السر رضي الله تعالى عنه.
ومنهم إبراهيم التيمي
رضي الله تعالى عنه
توفي في حبس الحجاج سنة اثنتين وتسعين، وكان سبب حبسه أن الحجاج طلب إبراهيم النخعي، فجاء الذي طلبه، فقال: أريد إبراهيم، فقال: أنا إبراهيم، فأخذه، وهو لا يعلم أنه إبراهيم التيمي، فأمر الحجاج بحبسه في الديماس، ولم يكن له ظل من الشمس، ولا كن من البرد وكان كل اثنين في سلسلة، فتغير إبراهيم حتى مات، فرأى
Page 35