Lawaqih Anwar
الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار
Publisher
مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر
Publication Year
1315 هـ
يوم بدر قتالا شديدا حتى كان الرجل يدخل يده في الجراح من ظهره وعاتقه.
ولما حضرته الوفاة كان عليه دين كثير، وليس له مال فقالوا له: ما نفعل في دينك؟ فقال لأولاده: قولوا يا مولى الزبير اقض دينه فقضاه الله تعالى عنه جميعه، وكان قدره ألف ألف ومائتي ألف، وكان للزبير عم فكان يعلق الزبير في حصير، ويدخن عليه بالنار، ويقول له: ارجع إلى الكفر فيقول الزبير: لا أكفر أبدا، وكان له ألف مملوك يؤدون الخراج إليه كل يوم، فكان يتصدق به في مجلسه، ولا يقوم منه بدرهم رضي الله عنه.
ومنهم الإمام سعد بن أبي وقاص
رضي الله عنه
ويجتمع نسبه مع النبي صلى الله عليه وسلم في الأب الخامس.
ومرض رضي الله عنه فقال: يا رب إن لي بنين صغارا، فأخر عني الموت حتى يبلغوا، فأخر عنه عشرين سنة، وكان بينه وبين خالد كلام، فذهب رجل يقع في خالد عنده فقال: مه إن ما بيننا لم يبلغ ديننا.
ولما وقعت فتنة عثمان رضي الله عنه اعتزل الناس، فلم يخرج من بيته، وقد رمى يوم أحد ألف سهم، وأوصى أن يكفن في جبته التي كان قد لقي المشركين فيها يوم بدر فكفنوه فيها رضي الله عنه.
ومنهم الإمام سعيد بن زيد
رضي الله تعالى عنه ورحمه
ويجتمع نسبه مع النبي صلى الله عليه وسلم في كعب بن لؤي، وكان مجاب الدعوة وقد ادعت عليه أروى بنت أنس عند مروان أنه أخذ لها شيئا من أرضها، فقال سعيد: اللهم إن كانت كاذبة فأعم بصرها، واقتلها في أرضها، فما ماتت حتى ذهب بصرها، وبينما هي تمشي في أرضها إذ وقعت في حفرة فماتت.
توفي بالعقيق، وحمل إلى المدينة، ودفن بها سنة خمس وخمسين رضي الله عنه.
ومنهم الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن عوف
رضي الله تعالى عنه ورحمه
ويجتمع نسبه مع النبي صلى الله عليه وسلم في كلاب بن مرة.
كان رضي الله عنه يتصدق بالسبعمائة راحلة، وأكثر للفقراء والمساكين بأحمالها، وأقتابها، وأحلاسها، ولم يزل خائفا منذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عبد الرحمن بن عوف يدخل الجنة حبوا " ولما بلغه ذلك جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أقرض الله قرضا حسنا يطلق لك قدميك، ثم نزل جبريل، فقال مر ابن عوف فليضف الضيف، وليطعم المسكين، وليعط السائل، فإذا فعل ذلك كان كفارة لما هو فيه، وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عممه بيده، وسدلها بين كتفيه، وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه، وقال: " إنه عبد صالح " وكان رضي الله عنه من شدة خوفه، وتواضعه لا يعرف من بين عبيده، توفي سنة اثنتين وثلاثين، ودفن بالبقيع رضي الله تعالى عنه.
ومنهم الإمام أبو عبيدة عامر بن الجراح
رضي الله تعالى عنه
ويجتمع نسبه مع النبي صلى الله عليه وسلم في الأب السابع، ودفن بغور بيسان سنة ثمان عشرة عند قرية تسمى عماد، وكان رضي الله عنه يقول: ألا رب مبيض لثيابه مدنس لدينه ألا رب مكرم لنفسه، وهو لها مهين، فبادروا رحمكم الله السيئات القديمات بالحسنات الحديثات، فلو أن أحدكم عمل من السيئات ما بينه وبين السماء، ثم عمل حسنة لعلت فوق سيئاته حتى تغيرهن، وكان رضي الله عنه يقول مثل المؤمن مثل العصفور يتقلب كل يوم كذا وكذا مرة رضي الله عنه.
ومنهم الإمام عبد الله بن مسعود
رضي الله تعالى عنه ورحمه
وكان صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم ووساده وسواكه ونعليه وطهوره في السفر وكان يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم في هديه وسمته وكان رضي الله عنه من أجود الناس ثوبا ومن أطيب الناس ريحا تعظيما لنعل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حمله، وكان هو الذي يلبس رسول الله صلى الله عليه وسلم نعليه ويمشي أمامه بالعصا حتى يدخل أمامه الحجرة فإذا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه نزع نعليه فأدخلهما في ذراعيه وأعطاه العصا.
وكان رضي الله عنه دقيق الساقين فكان بعض الصحابة يضحك من دقة ساقيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " والذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من جبل أحد "، وكان صلى الله عليه وسلم يستمع لقراءته في الليل ويقول: " من سره أن يقرأ القرآن رطبا كما أنزل فليقرأه على قراءة عبد الله بن مسعود " وكان رضي الله عنه قليل الصوم، كثير الصلاة، فقيل له في ذلك فقال إني إذا صمت ضعفت عن الصلاة والصلاة عندي أهم، وسمع رجلا يقول: اللهم إني أحب أن أكون
Page 19