Lawamic Anwar
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
Publisher
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
Edition Number
الثانية
Publication Year
1402 AH
Publisher Location
دمشق
Genres
Theology
أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْكَرْخِيُّ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِهِ الَّذِي سَمَّاهُ (الْفُصُولَ فِي الْأُصُولِ): سَمِعْتُ الْإِمَامَ أَبَا مَنْصُورٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الْإِمَامَ أَبَا بَكْرٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَحْمَدَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الشَّيْخَ أَبَا حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِنِيَّ، يَقُولُ: مَذْهَبِي، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَمَنْ قَالَ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ، وَالْقُرْآنُ حَمَلَهُ جِبْرِيلُ ﵇ مَسْمُوعًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَالنَّبِيُّ ﷺ سَمِعَهُ مِنْ جِبْرِيلَ، وَالصَّحَابَةُ ﵃ سَمِعُوهُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ
قَالَ وَهُوَ الَّذِي نَتْلُوهُ نَحْنُ بِأَلْسِنَتِنَا وَفِيمَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ، وَمَا فِي صُدُورِنَا مَسْمُوعًا وَمَكْتُوبًا وَمَحْفُوظًا وَمَقْرُوءًا، وَكُلُّ حَرْفٍ مِنْهُ كَالْبَاءِ وَالتَّاءِ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَمَنْ قَالَ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ عَلَيْهِ لَعَائِنُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. انْتَهَى كَلَامُهُ بِحُرُوفِهِ.
وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِتَنْزِيلِهِ وَشَهِدَ بِإِنْزَالِهِ عَلَى رَسُولِهِ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا﴾ [الإنسان: ٢٣]، وَقَالَ: ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا﴾ [الإسراء: ١٠٦] وَقَالَ جَلَّ شَأْنُهُ: ﴿لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾ [النساء: ١٦٦]، وَالْمُنَزَّلُ عَلَى الرَّسُولِ ﷺ هُوَ هَذَا الْكِتَابُ، وَقَدْ أَمَرَ سُبْحَانَهُ بِتَرْتِيلِهِ، فَقَالَ: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا - وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ﴾ [طه: ٤ - ١١٤] وَقَالَ: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ﴾ [القيامة: ١٦] وَأَمَرَ سُبْحَانَهُ بِقِرَاءَتِهِ وَالِاسْتِمَاعِ لَهُ وَالْإِنْصَاتِ إِلَيْهِ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ يُسْمَعُ وَيُتْلَى، فَقَالَ ﴿حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٦]، وَقَالَ ﴿فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ - وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا﴾ [الأعراف: ٢٠ - ٢٠٤] وَكُلُّ هَذَا مِنْ صِفَاتِ هَذَا الْمَوْجُودِ عِنْدَنَا لَا مِنْ صِفَاتِ مَا فِي النَّفْسِ الَّذِي لَا يَظْهَرُ لِحِسٍّ، وَلَا يُدْرَى مَا هُوَ.
وَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّ مِنْهُ سُوَرًا وَآيَاتٍ وَكَلِمَاتٍ، قَالَ الْإِمَامُ الْمُوَفَّقُ فِي كِتَابِهِ " الْبُرْهَانِ فِي حَقِيقَةِ الْقُرْآنِ ": الْقُرْآنُ كِتَابُ اللَّهِ الْعَرَبِيُّ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ ﷺ فَهُوَ كِتَابُ اللَّهِ الَّذِي هُوَ هَذَا الَّذِي هُوَ سُوَرٌ وَآيَاتٌ وَحُرُوفٌ وَكَلِمَاتٌ بِغَيْرِ خِلَافٍ، قَالَ تَعَالَى: ﴿تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ - إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا - حم - وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ﴾ [الزخرف: ١ - ٢]، ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ [الزخرف: ٣]
1 / 162