Lawamic Anwar
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
Publisher
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
Edition Number
الثانية
Publication Year
1402 AH
Publisher Location
دمشق
Genres
Creeds and Sects
وَكَذَا» .
قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ وَغَيْرُهُ: وَمِثْلُ هَذَا لَا يَقُولُهُ ابْنُ مَسْعُودٍ ﵁ إِلَّا تَوْقِيفًا ; لِأَنَّهُ إِثْبَاتُ صِفَةٍ لِلذَّاتِ. انْتَهَى. وَقَدْ رُوِيَ فِي إِثْبَاتِ الْحَرْفِ وَالصَّوْتِ أَحَادِيثُ تَزِيدُ عَلَى أَرْبَعِينَ حَدِيثًا، بَعْضُهَا صِحَاحٌ وَبَعْضُهَا حِسَانٌ وَيُحْتَجُّ بِهَا، أَخْرَجَهَا الْإِمَامُ الْحَافِظُ ضِيَاءُ الدِّينِ الْمَقْدِسِيُّ وَغَيْرُهُ. وَأَخْرَجَ سَيِّدُنَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ غَالِبَهَا وَاحْتَجَّ بِهِ، وَأَخْرَجَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ غَالِبَهَا أَيْضًا فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ، وَاحْتَجَّ بِهَا الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْحَقَّ - جَلَّ شَأْنُهُ - يَتَكَلَّمُ بِحَرْفٍ وَصَوْتٍ، وَقَدْ صَحَّحُوا هَذَا الْأَصْلَ وَاعْتَقَدُوهُ، وَاعْتَمَدُوا عَلَى ذَلِكَ مُنَزِّهِينَ اللَّهَ - تَعَالَى - عَمَّا لَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ مِنْ شُبُهَاتِ الْحُدُوثِ وَسِمَاتِ النَّقْصِ، كَمَا قَالُوا فِي سَائِرِ الصِّفَاتِ، فَإِذَا رَأَيْنَا أَحَدًا مِنَ النَّاسِ مِمَّا لَا يُقَدَّرُ عُشْرَ مِعْشَارِ هَؤُلَاءِ يَقُولُ: لَمْ يَصِحَّ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ حَدِيثٌ وَاحِدٌ أَنَّهُ تَكَلَّمَ بِحَرْفٍ وَصَوْتٍ، وَرَأَيْتَ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةَ قَدْ دَوَّنُوا هَذِهِ الْأَخْبَارَ وَعَمِلُوا بِهَا، وَدَانُوا اللَّهَ ﷾ بِهَا، وَصَرَّحُوا بِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - تَكَلَّمَ بِحَرْفٍ وَصَوْتٍ لَا يُشْبِهَانِ صَوْتَ مَخْلُوقٍ وَلَا حَرْفَهُ بِوَجْهٍ أَلْبَتَّةَ، مُعْتَمِدِينَ عَلَى مَا صَحَّ عِنْدَهُمْ عَنْ صَاحِبِ الشَّرِيعَةِ الْمَعْصُومِ فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ، الَّذِي لَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى، مَعَ اعْتِقَادِهِمُ الْجَازِمِ الَّذِي لَا يَعْتَرِيهِ شَكٌّ وَلَا وَهْمٌ وَلَا خَيَالٌ - نَفْيَ التَّشْبِيهِ وَالتَّمْثِيلِ، وَالتَّحْرِيفِ وَالتَّعْطِيلِ، بَلْ يَقُولُونَ فِي صِفَةِ الْكَلَامِ كَمَا يَقُولُونَ فِي سَائِرِ الصِّفَاتِ، إِثْبَاتٌ بِلَا تَمْثِيلٍ، وَتَنْزِيهٌ بِلَا تَعْطِيلٍ، كَمَا عَلَيْهِ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَفُحُولُ الْأَئِمَّةِ، فَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ بِلَا مِحَالٍ، وَهَلْ بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ.
(تَنْبِيهٌ): مِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى مَذْهَبِ السَّلَفِ وَالْحَنَابِلَةِ مِنْ قِدَمِ كَلَامِهِ - تَعَالَى - وَأَنَّهُ بِحَرْفٍ وَصَوْتٍ مِنْ مُتَأَخِّرِي مُحَقِّقِي الْأَشَاعِرَةِ صَاحِبُ الْمَوَاقِفِ، وَإِنْ رَدَّ عَلَيْهِ جَمْعٌ مِنْهُمْ مِنْ مُتَحَذْلِقٍ وَمُجَازِفٍ، وَسَيَأْتِي لِذَلِكَ تَتِمَّةٌ عِنْدَ ذِكْرِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ وَالْفُرْقَانِ الْقَدِيمِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
[صفة البصر والسمع]
(الصِّفَةُ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ) مَا أَشَارَ إِلَيْهِمَا بِقَوْلِهِ (وَ) يَجِبُ لَهُ ﷾ (الْبَصَرُ)، وَهُوَ صِفَةٌ قَدِيمَةٌ قَائِمَةٌ بِذَاتِهِ - تَعَالَى - تَتَعَلَّقُ بِالْمُبْصَرَاتِ، فَيُدْرِكُ بِهَا إِدْرَاكًا تَمَامًا، لَا عَلَى سَبِيلِ التَّخْيِيلِ وَالتَّوَهُّمِ، وَلَا عَلَى طَرِيقِ تَأَثُّرِ حَاسَّةٍ، كَمَا يَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ مَعَ السَّمْعِ قَرِيبًا، (سَمْعٌ) بِإِسْقَاطِ حَرْفِ الْعَطْفِ، أَيْ وَيَجِبُ لَهُ ﷾ سَمْعٌ، قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ
1 / 143