14

Lawamic Anwar

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

Publisher

مؤسسة الخافقين ومكتبتها

Edition Number

الثانية

Publication Year

1402 AH

Publisher Location

دمشق

يَقْبَلَ التَّأْوِيلَ لِمُعَارَضَتِهِ لِلدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ، كَمَا لَوِ اخْتَلَقَ بَعْضُ الزَّنَادِقَةِ حَدِيثًا كَذِبًا عَلَى اللَّهِ - تَعَالَى - وَعَلَى رَسُولِهِ ﷺ يَتَحَقَّقُ أَنَّهُ كَذِبٌ. (الرَّابِعُ): أَنْ يَدَّعِيَ شَخْصٌ الرِّسَالَةَ عَنِ اللَّهِ ﷿ بِغَيْرِ مُعْجِزَةٍ. وَمِنَ الْخَبَرِ أَيْضًا مَا هُوَ مُحْتَمِلٌ لِلصِّدْقِ وَالْكَذِبِ: (فَالْأَوَّلُ) مَا تَقَدَّمَتْ أَنْوَاعُهُ الضَّرُورِيَّةُ مِنَ الْمُتَوَاتِرِ، وَمُوَافِقُ الضَّرُورِيِّ، وَنَظَرِيٌّ، كَخَبَرِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَرَسُولِهِ، وَالْإِجْمَاعِ، وَخَبَرِ مَنْ وَافَقَ أَحَدَهَا، أَوْ ثَبَتَ بِهِ صِدْقُهُ. (الثَّانِي) مِنَ الْخَبَرِ الْمَعْلُومِ كَذِبُهُ: مَا تَقَدَّمَتْ أَنْوَاعُهُ مِمَّا خَالَفَ مَا عُلِمَ صِدْقُهُ. (الثَّالِثُ) مِنَ الْخَبَرِ، وَهُوَ الْمُحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ، فَثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: (أَحَدُهَا): كَخَبَرِ الْعَدْلِ يَتَرَجَّحُ صِدْقُهُ عَلَى كَذِبِهِ، وَيَتَفَاوَتُ فِيهِ الظَّنُّ. (الثَّانِي): مَا ظُنَّ كَذِبُهُ، كَخَبَرِ الْكَذَّابِ، يَتَرَجَّحُ كَذِبُهُ عَلَى صِدْقِهِ، وَهُوَ مُتَفَاوِتٌ أَيْضًا. وَ(الثَّالِثُ): مَا شُكَّ فِيهِ، كَخَبَرِ مَجْهُولِ الْحَالِ، وَيَسْتَوِي فِيهِ الِاحْتِمَالَانِ لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ. وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ عِلْمِ صِدْقِ الْخَبَرِ كَذِبُهُ. وَمَدْلُولُ الْخَبَرِ مِنْ حَيْثُ هُوَ الْحُكْمُ بِالنِّسْبَةِ لَا بِثُبُوتِهَا، فَإِذَا قِيلَ: زَيْدٌ قَائِمٌ، فَمَدْلُولُهُ الْحُكْمُ بِثُبُوتِ قِيَامِهِ، لَا نَفْيُ ثُبُوتِ قِيَامِهِ، إِذْ لَوْ كَانَ الْحُكْمُ بِالنِّسْبَةِ ثُبُوتَ قِيَامِ زَيْدٍ، لَلَزِمَ مِنْهُ أَنْ لَا يَكُونَ شَيْءٌ مِنَ الْخَبَرِ كَذِبًا، بَلْ يَكُونَ كُلُّهُ صِدْقًا. وَخَالَفَ الْقَرَافِيُّ، فَقَالَ: الْعَرَبُ لَمْ تَضَعِ الْخَبَرَ إِلَّا لِلصِّدْقِ ; لِاتِّفَاقِ اللُّغَوِيِّينَ وَالنَّحْوِيِّينَ عَلَى أَنَّ مَعْنَى قَامَ زَيْدٌ حُصُولُ الْقِيَامِ مِنْهُ فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي، وَاحْتِمَالُهُ الْكَذِبَ لَيْسَ مِنَ الْوَضْعِ، بَلْ مِنْ جِهَةِ الْمُتَكَلِّمِ. انْتَهَى. قَالَ الْكُورَانِيُّ: التَّحْقِيقُ فِي هَذَا الْمَقَامِ هُوَ أَنَّ الْخَبَرَ - مِثْلَ: زَيْدٌ قَائِمٌ - إِذَا صَدَرَ عَنِ الْمُتَكَلِّمِ بِالْقَصْدِ يَدُلُّ عَلَى الْإِيقَاعِ، وَهُوَ الْحُكْمُ الَّذِي صَدَرَ عَنِ الْمُتَكَلِّمِ، وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى الْوُقُوعِ، فَكُلٌّ مِنْهُمَا يُسَمَّى حُكْمًا، فَاحْتِمَالُ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ وَصِدْقُ الْخَبَرِ وَكَذِبُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، إِنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الْإِيقَاعِ ; لِأَنَّهُ الْمُتَّصِفُ بِذَلِكَ لَا الْوُقُوعُ، وَأَمَّا بِاعْتِبَارِ إِفَادَةِ الْمُخَاطَبِ فَالْحُكْمُ هُوَ الْوُقُوعُ، لِأَنَّكَ إِذَا قُلْتَ: زَيْدٌ قَائِمٌ، فَإِنَّمَا تُفِيدُ الْمُخَاطَبَ وُقُوعَ الْقِيَامِ، لَا أَنَّكَ أَوْقَعْتَ الْقِيَامَ عَلَى زَيْدٍ، فَإِنَّهُ لَا يُعَدُّ فَائِدَةً، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

1 / 14