Lawamic Anwar
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
Publisher
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
Edition Number
الثانية
Publication Year
1402 AH
Publisher Location
دمشق
Genres
Creeds and Sects
فِي عُلَمَاءِ أَهْلِ الْبِدَعِ مِنَ الْمُتَكَلِّمَةِ: لَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُجَالِسَهُمْ وَلَا يُخَالِطَهُمْ وَلَا يَأْنَسَ بِهِمْ، فَكُلُّ مَنْ أَحَبَّ الْكَلَامَ لَمْ يَكُنْ آخِرُ أَمْرِهِ إِلَّا إِلَى الْبِدْعَةِ، فَإِنَّ الْكَلَامَ لَا يَدْعُوهُمْ إِلَى خَيْرٍ، فَلَا أُحِبُّ الْكَلَامَ وَلَا الْخَوْضَ وَلَا الْجِدَالَ، عَلَيْكُمْ بِالسُّنَنِ وَالْفِقْهِ الَّذِي تَنْتَفِعُونَ بِهِ، وَدَعُوا الْجِدَالَ وَكَلَامَ أَهْلِ الزَّيْغِ وَالْمِرَاءِ، أَدْرَكْنَا النَّاسَ وَمَا يَعْرِفُونَ هَذَا وَيُجَانِبُونَ أَهْلَ الْكَلَامِ.
وَقَالَ ﵁: مَنْ أَحَبَّ الْكَلَامَ لَمْ يُفْلِحْ، عَاقِبَةُ الْكَلَامِ لَا تَئُولُ إِلَى خَيْرٍ، أَعَاذَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ مِنَ الْفِتَنِ، وَسَلَّمَنَا وَإِيَّاكُمْ مِنْ كُلِّ هَلَكَةٍ. وَقَدْ نُقِلَ عَنْ هَذَيْنِ الْإِمَامَيْنِ مِنْ ذَمِّ الْكَلَامِ وَأَهْلِهِ كَلَامٌ كَثِيرٌ مَذْكُورٌ فِي كُتُبِ عُلَمَاءِ السَّلَفِ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الْإِمَامِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ، يَسْأَلُهُ عَنِ الْقُرْآنِ وَالْقَدَرِ، فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ ﵁ لِلرَّجُلِ: لَعَلَّكَ مِنْ أَصْحَابِ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ، لَعَنَ اللَّهُ عَمْرًا، فَإِنَّهُ ابْتَدَعَ هَذِهِ الْبِدْعَةَ مِنَ الْكَلَامِ، وَلَوْ كَانَ الْكَلَامُ عِلْمًا لَتَكَلَّمَ بِهِ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ ﵃ كَمَا تَكَلَّمُوا فِي الْأَحْكَامِ وَالشَّرَائِعِ، وَلَكِنَّهُ بَاطِلٌ يَدُلُّ عَلَى بَاطِلٍ. فَهَلْ يَكُونُ أَشَدُّ مِنْ هَذَا الْإِنْكَارِ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ الْكِبَارِ؟ .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ صَاحِبُ أَبِي حَنِيفَةَ: سَمِعْتُ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُولُ: لَعَنَ اللَّهُ عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ، فَإِنَّهُ مُبْتَدِعٌ. وَالنُّصُوصُ عَنْ أَئِمَّةِ الْهُدَى فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ جِدًّا. وَرَوَى الْإِمَامُ الْحَافِظُ شَمْسُ الدِّينِ الذَّهَبِيُّ فِي كِتَابِهِ (الْعَرْشِ) بِسَنَدِهِ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ الْقَيْرَوَانِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ الْأُسْتَاذَ أَبَا الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيَّ، يَقُولُ: يَا أَصْحَابَنَا، لَا تَشْتَغِلُوا بِالْكَلَامِ، فَلَوْ عَرَفْتُ أَنَّ الْكَلَامَ يَبْلُغُ بِي إِلَى مَا بَلَغَ مَا اشْتَغَلْتُ بِهِ. وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الدَّسِيمِيُّ قَالَ: حَكَى لَنَا الْإِمَامُ أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْفَقِيهُ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى الْإِمَامِ أَبِي الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيِّ نَعُودُهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، فَأُقْعِدَ فَقَالَ لَنَا: اشْهَدُوا عَلَيَّ أَنِّي قَدْ رَجَعْتُ عَنْ كُلِّ مَقَالَةٍ قُلْتُهَا، أُخَالِفُ فِيهَا السَّلَفَ الصَّالِحَ، وَأَنِّي أَمُوتُ عَلَى مَا يَمُوتُ عَلَيْهِ عَجَائِزُ نَيْسَابُورَ. قَالَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: قُلْتُ: هَذَا مَعْنَى قَوْلِ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ: عَلَيْكُمْ بِدِينِ الْعَجَائِزِ - يَعْنِي: أَنَّهُنَّ مُؤْمِنَاتٌ بِاللَّهِ عَلَى فِطْرَةِ الْإِسْلَامِ، لَمْ يَدْرِينَ مَا عِلْمُ الْكَلَامِ. قَالَ الْحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: وَقَدْ كَانَ شَيْخُنَا أَبُو الْفَتْحِ الْقُشَيْرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ:
1 / 109