58

باب ذم الشعر والشعراء

كان يقال: الشعر رقية الشيطان، ولذلك قال جرير وهو يمدح عمر بن عبد العزيز ويصف ترفعه عن استماع الشعر:

رأيت رقى الشيطان لا يستفزه

وقد كان شيطاني من الجن راقيا

وقيل ليحيى بن خالد: لم لا تقول الشعر؟ فقال: شيطانه أخبث من أن أسلطه على عقلي. وقال غيره: لا خير في شيء أحسنه أكذبه. وكان أبو مسلم يقول: إياكم والشعراء، فإنهم يهجون جليسهم، ويطلبون على الكذب مثوبة وجعلا. وقال غيره: لا تجالس الشاعر فإنه إذا غضب عليك هجاك، وإذا رضي عنك كذب عليك. وقد وصفهم الله تعالى ومتبعيهم من رواتهم بالصفة الخاصة بهم فقال: الشعراء يتبعهم الغاوون

الآية، وقرنهم بشر صنف من منتحلي الأباطيل وهم الكهنة، فقال: وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون

، ومن أحسن وأصدق ما ذم به الشاعر قول عبد الصمد بن المعدل لأبي تمام وقد قصد البصرة وشارفها:

أنت بين اثنتين تبرز للنا

س وكلتاهما بوجه مذال

لست تنفك طالبا لوصال

من حبيب أو راغبا في نوال

أي ماء لحر وجهك يبقى

بين ذل الهوى وذل السؤال «3»

Page 63