من رحمتِهِ يُصيبُ بها مَنْ يَشاءُ مِن عِبادِهِ، وسَلُوا الله أنْ يَسْتُرَ عوراتِكُم ويُؤمِّنَ روعاتِكُم" (^١). وفي رواية للطبراني من حديثِ محمد بن مَسْلَمةَ مرفوعًا: "إنَّ لله في أيام الدَّهرِ نَفَحاتٍ فتعرَّضُوا لها، فلعل أحدَكُم أنْ تُصيبَه نَفْحَةٌ فلا يَشْقَى بعدَها أبدًا". وفي "مسند الإمام أحمد" عن عقبةَ بن عامر، عن النَّبيِّ ﷺ، قال: "ليسَ مِن عملِ يَوْم إلا يُختَمُ عليه". (^٢) وروى ابنُ أبي الدُّنيا بإسنادِه، عن مجاهدٍ، قال: ما مِن يوم إلا يقولُ: ابنَ آدم! قد دخلْتُ عليك اليومَ ولن أرجِع إليكَ بعدَ اليومِ، فانْظُرْ ماذا تعملُ فيَّ، فإذا انقَضَى طواهُ، ثم يُختَمُ عليه فلا يُفَكُّ حتَّى يكونَ الله هو الذي يفُضُّ ذلك الخاتَمَ يومَ القيامةِ، ويقولُ اليومُ حين ينقضي: الحمدُ للهِ الذي أراحني من الدُّنيا وأهلِها، ولا ليلة تدخل على النَّاس إلا قالت كذلك.
وبإسناده عن مَالِكِ بن دينارٍ، قال: كان عيْسى ﵇، يقول: إن هذا الليلَ والنَّهارَ خِزانتان، فانظروا ما تضعون فيهما. وكان يقول: اعملوا اللَّيلَ لِما خُلِقَ له، واعْمَلُوا النَّهارَ لِما خُلِقَ له. وعن الحَسَن (^٣)، قال: ليس يومٌ يأتي من أيام الدُّنيا إلّا يتكلَّمُ، يقول: يا أيُّها الناسُ! إنِّي يومٌ جَديدٌ، وإنّي على ما يُعمَلُ فيَّ شهيدٌ، وإنِّي لو قد غَرَبَتِ الشَّمسُ (^٤) لم أرجِعْ إليكم إلى يوم القيامةِ. وعنه أنه كان يقول: يا ابنَ آدمَ! اليومُ ضيفُكَ، والضيفُ مُرتحلٌ، يحمَدُكَ أوَ يذمُّكَ، وكذلك ليلتُكَ (^٥). وبإسناده عن بكرٍ المزنيِّ أنّه قال: ما من يوم أخرجَه الله إلى أهل الدُّنيا إلا ينادي: ابنَ ادمَ!
_________
(^١) ذكره الهندي في "كنز العمال" (٢/ ٧٤) و(٧/ ٧٦٩)، والسيوطي في "الجامع الصغير" (١/ ١٤٣). وقد رواه البيهقي في "شعب الإيمان" وابن أبي الدنيا في "الفرج بعد الشدة" (٢٧) من حديث أبي هريرة ﵁. كما رواه الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"، وأبو نعيم في "الحلية" من حديث أنس بن مالك ﵁. وهو حديث ضعيف. وورد في "الإتحاف" ٥/ ٤٠ عن مسند بقي بن مخلد، من حديث أبي هريرة، مرفوعًا.
(^٢) قطعة من حديث رواه الإمام أحمد في "المسند" (٤/ ١٤٦)، وإسناده ضعيف؛ فيه عبد الله بن لهيعة ضعفه رجال الحديث. ورواه أيضًا الطبراني في "المعجم الكبير" والحاكم في "المستدرك"، كما في "كنز العمال" (٣/ ٣٠٤).
(^٣) إذا أطلق الحسن فهو الحسن بن يسار البصري، أبو سعيد، إمام أهل البصرة في عصره، وحبر الأمة، وهو أحد العلماء الفقهاء الفصحاء الشجعان النساك، ولد بالمدينة سنة (٢١) هـ، وشبَّ في كنف علي بن أبي طالب، وكانت له هيبة عظيمة في القلوب، فكان يدخل على الولاة فيأمرهم وينهاهم، لا يخاف في الله لومة لائم. مات سنة (١١٠) هـ، رحمه الله تعالى.
(^٤) في ع: "غربت شمسي".
(^٥) في ع: "الليل".
1 / 41