بسم الله الرحمن الرحيم
وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (^١)
الحمدُ لله الملكِ القهَّارِ، العزيز الجبَّارِ، الرحِيمِ الغفَّار، مقلِّب القلوب والأبصار، مقدِّرِ الأمور كما يشاءُ ويختار، مكوِّرِ النَّهار على الليل، ومكوِّرِ اللَّيل على النَّهار، أسبَلَ ذيلَ الليل فأظلمَ للسكون والاستتارِ، وأنار منارَ النَّهار، فأضاءَ للحركة والانتشار، وجعلهما مواقيتَ للأعمالِ ومقاديرَ للأعمار، وسخر الشمسَ والقَمَرَ يجريان بحُسْبَانٍ ومقدارٍ، ويَعْتَقبانِ (^٢) في دَارة (^٣) الفُلْكِ الدوَّارِ على تعاقب الأدوار، وجعلَهما معالِمَ تُعْلَمُ بهما أوقاتُ (^٤) الليالي والأيام والشهور والأعوام في هذه الدَّار، ويُهتدَى بهما إلى ميقاتِ الصَّلاة، والزكاة، والحجّ، والصّيام، والإفطار، حُجَّة قائمةً قاطعةً للأعذارِ، وحكمةً بالغة من حكيمٍ عليم ذي اقْتِدار.
أحمدُه وحلاوةُ محامِدِه تزدادُ مع التِّكرار، وأشكرُهُ وفضلُه على مَنْ شكَر مدرارٌ، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ لَه، شهادةً تبرئُ قائلَها (^٥) من الشِّرْكِ بصحة الإقرارِ، وتُبوِّئُ قائلَها دارَ القرارِ. وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه؛ البَدْرُ جبينُه إذا سُرَّ (^٦) استنار، واليمُّ يمينُه فإذا سُئلَ أَعطى عطاءَ مَنْ لا يخشى الإقتاِر (^٧)، والحَنِيفيَّةُ (^٨) دينُهُ الدِّينُ القيّمُ المختار، رَفَعَ اللهُ ببعثَتِه عن أُمّتِهِ الأغلالَ والآصارِ (^٩)، وكَشَفَ بِدعوته أذى البصائر وقَذَى الأبصار، وفَرَّقَ بشريعتِهِ بينَ المتَّقين والفجّارِ، حتى امْتازَ أهلُ اليَمينِ مِن أهلِ اليسارِ، وانفتحَتْ أقفالُ القُلوبِ فانشرحت بالعِلْمِ والوقار، وزالَ عن
_________
(^١) في ب: "وبالله التوفيق وهو حسبي"، وفي ع: "وبه ثقتي".
(^٢) في ع: "ويتعاقبان" وفي هامشها عن نسخة "يعتقبان".
(^٣) في آ: "دائرة".
(^٤) في آ: "الأوقات".
(^٥) في ط: "القلب".
(^٦) لفظ "سُرّ" لم يرد في (آ).
(^٧) الإقتار: ضيق العيش.
(^٨) الدِّين الحنيف: الإسلام، والحنيفية: مِلَّة الإسلام.
(^٩) الآصار: جمع إصْر، وهو الإثم والعقوبة.
1 / 37