172

Lataif Macarif

لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف

Investigator

ياسين محمد السواس

Publisher

دار ابن كثير

Edition Number

الخامسة

Publication Year

1420 AH

Publisher Location

بيروت

Genres

Sufism
لمَّا وَقَفَ ﷺ عامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ، قال: "إنِّي فَرَطُكُم" (^١) على الحَوْض، وإنِّي مكاثِر بِكُم الأمَمَ، فلا تُسَوِّدُوا وَجْهِي" (^٢). يشيرُ إلى أنَّه ﷺ يَسْتحِي مِن سيئاتِ أُمَّتِه إذا عُرِضَتْ عليه. وقال: "لَيُؤْخَذَنَّ برجَالٍ مِن أُمَّتِي ذاتَ الشمالِ، فأقولُ: ياربّ! أصحابي، فيقالُ: إنَّك لا تَدْرِي ما أَحْدَثُوا بَعْدَك، فَأَقُولُ: سُحقًا سُحْقًا (^٣) لِمَنْ بَدَّلَ بَعْدِي" (^٤). خيرُ هذهِ الأُمَّةِ أوَّلُها قَرْنًا، كما قال النَّبيُّ ﷺ: "خيرُ القُرون قَرْنِي، ثم الذين يَلُونَهُم، ثم الذين يلُونهم" (^٥). وقال: "بُعِثْتُ مِن خَيْرِ قُرونِ بَني آدَمَ قَرْنًا فَقَرْنًا، حَتَّى كُنْتُ مِن القَرْنِ الَّذي كُنْتُ منه" (^٦). كم قدْ جاءَ مدْحُ أصحابه في كتابه [تعالى]: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾ (^٧). ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ﴾ (^٨). وخصَّ الصِّدِّيقَ مِن بينهم بالصُّحْبَةِ بقوله: ﴿إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ (^٩). لمَّا جَلَى الرَّسُول ﷺ عَرُوسَ الإِسلامِ وأبرزَها للبصائر مِن خِدْرِها، أخرَجَ

(^١) أنا فَرَطُكُم على الحوض: أي أنا متقدِّمكم إليه. (اللسان). (^٢) رواه بهذا اللفظ ابن ماجه رقم (٣٠٥٧) في سياق حديث طويل في المناسك، باب: الخطيئة يوم النحر، وإسناده حسن، وله شاهد من حديث جابر بن عبد الله ﵄ بلفظ: "أنا فرط لكم على الحوض، وإني مكاثر بكم الأمم"؛ انظر "مجمع الزوائد" (١٠/ ٣٦٥). (^٣) سُحْقًا سُحْقًا: أي بُعْدا بُعْدًا. ومكان سحيق: بعيد. ونصب "سحقًا" على المصدر، التقدير: أسحقهم الله سُحْقًا، أي باعَدَهم من رحمته مباعدة (اللسان). (^٤) رواه البخاري رقم (٦٥٨٤) في الرقاق، باب: في الحوض، وقول الله تعالى: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ [الكوثر: ١]، و(٧٠٥٠) في الفتن، باب: ما جاء في قول الله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً﴾ [الأنفال: ٢٥]، وأحمد في "المسند" ٥/ ٣٣٣ و٣٣٩ من حديث سهل بن سعد، ﵁. (^٥) رواه البخاري رقم (٢٦٥١) في الشهادات، باب: لا يشهد على شهادة جور إذا أُشهد؛ ومسلم رقم (٢٥٣٥) في فضائل الصحابة، باب: فضل الصحابة ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، والترمذي رقم (٢٣٠٢) في الشهادات، باب: رقم (٤)؛ والنسائي ٧/ ١٧ - ١٨ في الأَيمان والنذور، باب: الوفاء بالنذر، من حديث عِمْران بن حصين، ﵁. (^٦) رواه البخاري رقم (٣٥٥٧) في المناقب، باب: صفة النَّبيِّ ﷺ. (^٧) سورة الفتح، الآية ٢٩. (^٨) سورة الفتح، الآية ١٨. (^٩) سورة التوبة، الآية ٤٠.

1 / 179