115

Lataif Macarif

لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف

Investigator

ياسين محمد السواس

Publisher

دار ابن كثير

Edition Number

الخامسة

Publication Year

1420 AH

Publisher Location

بيروت

Genres

Sufism
وفي الحديث أيضًا: "من سأل الله الجنةَ شفعتْ له الجنةُ إلى ربِّها وقالت: اللهم أدخِلْه الجنَّةَ" (^١). وفي الحديث أيضًا: "إنَّ الجنة تُفتح في كلِّ سحرٍ، ويقالُ لها: ازدادي طيبًا لأهلِكِ، فتزدادُ طيبًا، فذلك البردُ الذي يجدُه الناسُ في السَّحَر". قلوبُ العارِفينَ تستنشِقُ أحيانًا نسيمَ الجنةِ. قال أنس بن النضر (^٢) يومَ أُحُدٍ: واهًا لريح الجَنَّةِ، والله أني لأجِدُ ريحَ الجنةِ مِن قِبَلِ أُحُدٍ، ثم تقدَّمَ فقاتَلَ حتى قُتِلَ. [كما قيل] (^٣): تَمرُّ الصَّبا صفحًا (^٤) بِسَاكِنِ ذِي الغَضا (^٥) … ويَصْدَعُ قلبي أنْ يَهُبَّ هُبُوبُها قَرِيبةُ عَهْدٍ بالحبيبِ وإنما … هَوَى كُل نفسٍ حيثُ (^٦) حل حَبيبُها كم لله من لطفٍ وحكمةٍ في إهباطِ آدمَ إلى الأرض، لولا نزولُهُ لما ظَهَرَ جِهادُ المجاهدينَ واجتهادُ العابدين المجتهدين، ولا صَعِدَتْ زَفَراتُ أنفاسِ التائبين، ولا نزلَتْ قطراتُ دموعِ المذنبين. يا آدم! إن كنْتَ أُهْبِطْتَ من دار القرب ﴿فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ﴾ (^٧)، إن كان حصَلَ لك بالإخراج مِنَ الجنةِ كسرٌ، فأنا عند المُنكَسِرةِ قلوبُهُم من أجلي، إن كان فاتَكَ في السماء سماعُ زَجَلِ المُسبِّحين (^٨)، فقد تعوَّضْتَ (^٩) في الأرضِ بسماع أنينِ المذنبينَ. أنينُ المذنبين أحبُّ إلينا من زَجَلِ المسبِّحينَ. زَجَلُ المسبِّحين ربَّما يَشُوبُه الافتخارُ، وأنينُ المُذْنِبينَ يَزينُهُ الانكسارُ. "لو لم تُذْنِبُوا لَذَهَبَ الله بكم، وجاءَ بقوم يُذْنِبُونَ ثم يَسْتَغفِرُون فَيَغْفِرُ لهم" (^١٠).

(^١) أخرجه الترمذي رقم (٢٥٧٥) في صفة الجنة، باب ما جاء في صفة أنهار الجنة؛ والنسائي ٨/ ٢٧٩ في الاستعاذة من حرّ النار، عن أنس بن مالك ﵁، قال: "من سأل الله الجنة ثلاثًا، قالت الجنة: اللهم أدخله الجنة، ومن استجار من النار ثلاث مرات، قالت النار: اللهم أجره من النار". (^٢) أنس بن النضر بن ضمضم، عم أنس بن مالك خادم رسول الله ﷺ، قتل يوم أحد. (انظر سيرة ابن هشام ٢/ ٨٣، ١٢٤ والاشتقاق ص ٤٥٢). (^٣) زيادة من نسخة (آ). (^٤) في ب، ط: "صُبْحًا". (^٥) الغضا: شجر من الأثل، خشبه من أصلب الخشب. وأهل النضا: أهل نجد، لكثرته هنالك. (^٦) في ب، ع، ط: "أين". (^٧) سورة البقرة الآية ١٨٦. (^٨) زجل المسبِّحين: يعني أصوات الملائكة في تسبيحهم. (^٩) في آ، ش: "تعرضت". (^١٠) رواه مسلم رقم (٢٧٤٩) (١١) في التوبة، باب سقوط الذنوب بالاستغفار.

1 / 122