وإلى الله المشتكي من هذا الزمان زمان شر وطغيان، عكس الناس الأمر المشروع وعكفوا على ما لم يثبت شرعا مع غاية الولوع، فصارت السنة فيما بينهم بدعة، والبدعة سنة وظنوا المعروف منكرا والمنكر معروفا، ومن ثم تراهم إذا هداهم أحد إلى الطريقة السنية تنفروا عنه ونسبوه إلى الطريقة القبيحة، وهذه فتنة لعمري عمياء وداهية، وهياء يربو فيها الصغير، ويشيب فيها الكبير، ولئن ساعدني في التوفيق، وفسح الله في عمري، وجعله خير رفيق، لأؤلف رسالة أبحث فيها عن منكراتهم التي أحدثها(1) قراء الخطبة وسامعوها، ومخترعاتهم التي اخترعها(2) مصنفوها وواضعوها.
وليس غرضي من هذا التأليف وسائر تأليفاتي أن يدرج أسمي في المصنفين، أو يشتهر رسمي في العالمين، وإنما المقصود وكفى بالله شهيدا عليه أن يحصل بها النفع والفلاح لكل مطالع ومستفيد، وأن تكون ذريعة لنجاتي بعد مماتي في يوم الحساب الشديد والله أسأل سؤال الضارع الخاشع أن يجعلها مقبولة وخالصة لوجهه الكريم، وأن ينفع بها عباده بالنفع العميم، وقد سميت هذه المجموعة ب:
((اللطائف المستحسنة بجمع خطب شهور السنة))
ولقبتها ب:
((إزالة الغفلة والسنه بتأليف خطب السنة))
وأرجو من كل من يقرأ هذه الخطب، ومن يسمعها، ومن يطالعها وينتفع بها أن يدعو لي بالمغفرة وشمول الرحمة وبخير الدنيا والعقبى، وأن لا ينساني في دعواته الخالصة في أوقاته الخاصة.
Page 8