Landmarks of Religion from Sayings of the Truthful and Trustworthy
معالم الدين من أحاديث الصادق الأمين
Publisher
دار مشارق الأنوار للبحث العلمي
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٣٤ هـ - ٢٠١٣ م
Genres
فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا كُتِبَ لَهُ (١)». رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ بِاخْتِصَارٍ وَحَسَّنَهُ.
٣٦ - عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الَأَنْصَارِيِّ ﵁ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: إِنِّي أُبْدِعَ بِي فَاحْمِلْنِي (٢). فَقَالَ: «مَا عِنْدِي». فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَا أَدُلُّهُ عَلَى مَنْ يَحْمِلُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ (٣)» (٤). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
٣٧ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى، كَانَ لَهُ مِنَ الَاجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ، كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا» (٥).
_________
(١) «من كان همه الآخرة» أي: قصده مرضاة مولاه. «جمع الله شمله» أي: أموره المتفرِّقة بأن جعله مجموع الخاطر بتهيئة أسبابه من حيث لا يشعر به. «جعل غناه في قلبه» أي: جعله قانعًا بالكفاف؛ كيلا يتعب في طلب الزيادة. «أتته الدنيا» أي: ما قُدِّر وقُسِم له منها. «وهي راغمة» أي: ذليلة حقيرة تابعة له، لا يحتاج في طلبها إلى سعي كثير، بل تأتيه هينة لينة، على رغم أنفها وأنف أربابها. «ومن كانت نيته الدنيا فرق الله عليه ضيعته» أي: تشعَّبت الهموم قلبه وتوزَّعت أفكاره، فيبقى متحيِّرًا ضائعًا، لا يدري ممن يطلب رزقه، ولا ممن يلتمس رفقه. «وجعل فقره» أي: الاحتياج إلى الخلق. «ولم يأتيه من الدنيا إلا ما كُتب له» أي: وهو راغم، فلا يأتيه ما يطلب من الزيادة، على رغم أنفه وأنف أصحابه. فيكون معنى الأول: وأتاه ما كُتب له من الدنيا وهي راغمة، ومعنى الثاني: وأتاه ما كُتب له من الدنيا وهو راغم.
(٢) أي: هلكت دابتي وهي مركوبي، فركِّبني دابة غيرها.
(٣) المراد: أن له ثوابًا بذلك الفعل، كما أن لفاعله ثوابًا، ولا يلزم أن يكون قدر ثوابهما سواء.
(٤) في الحديث: فضيلة الدلالة على الخير والتنبيه عليه والمساعدة لفاعله، وفيه فضيلة تعليم العلم ووظائف العبادات، لاسيما لمن يعمل بها من المتعبِّدين وغيرهم.
(٥) قال الإمام ابن عبد البر في «التمهيد» (٢٤/ ٣٢٩): «هذا الحديث أبلغ شيء في فضائل تعليم العلم والدعاء إليه وإلى جميع سبل البر والخير، وعلى قدر فضل معلِّم الخير وأجره، يكون وزر من علَّم الشر ودعا إلى الضلال؛ لأنه يكون عليه وزر من تعلَّمه منه ودعا إليه وعمل به، عصمنا الله برحمته» اهـ بتصرف واختصار.
1 / 46