وأذكر في هذا الشأن حديثا بين صدقي باشا، ولطفي باشا السيد في هذا الشأن.
قال صدقي باشا: ألم يصل بنا السن والخبرة يا لطفي أن نقود نحن الرأي العام.
فقال لطفي باشا السيد: أريد أن أموت على سريري يا إسماعيل.
واستقال صدقي باشا من الوزارة وتألفت وزارة جديدة برئاسة النقراشي باشا وكان أبي وزيرا للمواصلات بها، وأبى في شجاعته ووطنيته أن يخفي إعجابه بمعاهدة صدقي-بيفن، فكتب هذه المقالة بأهرام 5 ديسمبر سنة 1946م رغم علمه أن النقراشي باشا يكره صدقي باشا كل الكراهية، ورغم التيار الجارف الذي ساد حينذاك ضد المعاهدة.
ظهر أهرام ذلك اليوم وبه عنوان آراء وأفكار «حول مشروع المعاهدة» ثم عنوان مقالة أبي «لماذا أوافق على المعاهدة»، وقالت الأهرام:
نشرنا منذ يومين بحثا لحضرة الشيخ المحترم زكريا مهران باشا عنوانه: «لماذا لا أوافق على المعاهدة» وننشر اليوم بحثا لمعالي إبراهيم دسوقي باشا يرد فيه على من سأله «لماذا يوافق على المعاهدة؟» قال الجواب سهل بسيط: ذلك لأنني أحب بلادي وأعتقد أن المعاهدة تحقق استقلالها وتحدد يوم الجلاء «بغير دماء ...»
ولست أتكلم عن مشروع المعاهدة فأتناول بالبحث سائر مواده وأشرح ما أدخله عليها دولة صدقي باشا من تحسين واضح جلي عظيم، بل أكتفي بالكلام عن مادة الدفاع المشترك، فإن عيوب المعاهدة كادت في نظر المعارضين تنحصر فيها، وكانت تلك المادة في أول أمرها مشوبة بشيء من الغموض، فأزال دولة صدقي باشا غموضها ثم أحاطها بتحفظات قوية كافية، ودعمها لمصلحة مصر بسياج جعل المساس باستقلالها - اعتمادا عليها - ضربا من المستحيل إلا إذا تجرد المصريون من الوطنية والرشد والكرامة.
وكان المفاوضون قد قبلوها جميعا، عدا واحد، قبلوها على ما كان بها من غموض، فلما أزال صدقي باشا غموضها في مفاوضته الأخيرة وجلا ما كان فيها من إبهام ولبس مريب، وأصبحت لا غبار عليها ولا خوف منها، رفضها المعارضون وادعوا أنها الحماية مقنعة بل إنها الحماية سافرة: (1)
لم يكن هناك نص على أن رأي اللجنة استشاري، فجاء النص صريحا. (2)
وأصبحت لا تجتمع إلا إذا دعتها الحكومتان للاجتماع. (3)
Unknown page