Lamahat Min Hayat Ibn Taymiyya
لمحات من حياة شيخ الإسلام ابن تيمية
Genres
فاليونسية يتألهون شيخهم، ويجعلونه مظهرا للحق، ويستهينون بالعبادات، ويظهرون بالفرعنة والصولة، والسفاهة والمحالات، لما وقر في بواطنهم من الخيالات الفاسدة، وقبلتهم الشيخ يونس. ورسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن المجيد عنهم بمعزل، يؤمنون به بألسنتهم، ويكفرون به بأفعالهم.
وكذلك الاتحادية، يجعلون الوجود مظهرا للحق، باعتبار أن لا متحرك في الكون سواه، ولا ناطق في الأشخاص غيره. وفيهم من لا يفرق بين الظاهر والمظهر، فيجعل الأمر كموج البحر، فلا يفرق بين عين الموجة وبين عين البحر، حتى إن أحدهم يتوهم أنه الله، فينطق على لسانه، ثم يفعل ما أراد من الفواحش والمعاصي، لأنه يعتقد ارتفاع الثنوية فمن العابد ومن المعبود؟ صار الكل واحدا.
اجتمعنا بهذا الصنف في الربط والزوايا.
فأنتم بحمد الله قائمون في وجه هؤلاء أيضا تنصرون الله ورسوله، وتذبون عن دينه، وتعملون على إصلاح ما أفسدوا وعلى تقويم ما عوجوا فإن هؤلاء محوا رسم الدين، وقلعوا أثره. فلا يقال أفسدوا ولا عوجوا بل بالغوا في هدم الدين ومحو أثره. ولا قربة أفضل عند الله من القيام بجهاد هؤلاء بمهما أمكن، وتبين مذاهبهم للخاص والعام. وكذلك جهاد كل من الحد في دين الله وزاغ عن حدوده وشرعيته. كائنا في ذلك ما كان من فتنة وقول. كما قيل :
إذا رضي الحبيب فلا أبالي * أقام الحي أم جد الرحيل.
وبالله المستعان.
وكذلك أنتم بحمد الله قائمون بجهاد الأمراء والأجناد، تصلحون ما أفسدوا من المظالم والاجحافات، وسوء السيرة الناشئة عن الجهل بدين الله، بما أمكن. وذلك لبعد العهد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. لأن اليوم له سبعمائة سنة، فأنتم بحمد الله تجددون ما دثر من ذلك واندثر.
Page 82